للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو الغالب في الاستعمال، وقد يتعاوضان، كما في قول عديّ بن الرّعلاء-وهما الشاهد رقم [٨٣٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الخفيف]

ليس من مات، فاستراح بميت... إنما الميت ميّت ميّت الأحياء

إنما الميت من يعيش كئيبا... كاسفا باله قليل الرّجاء

ومنه الآية التي نحن بصدد شرحها، والآية رقم [٩٥] من سورة (الأنعام) حيث استعمل المشدّد فيها لفاقد الحياة والرّوح، كما هو واضح فيها.

الإعراب: {تُولِجُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: أنت. {اللَّيْلَ:} مفعول به. {فِي النَّهارِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، وإن اعتبرت حكمها حكم ما قبلها؛ فلست مفنّدا، والجملة بعدها معطوفة عليها، وإعرابها لإخفاء فيه. {مِنَ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به أول، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: ترزق الذي، أو شخصا تشاؤه رزقا واسعا بغير حساب. {بِغَيْرِ:} متعلقان بواسعا الذي قدرته لك، وقال أبو البقاء: متعلقان بمحذوف حال من المفعول المحذوف، أو من الفاعل، أو بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، وكل هذه الأقوال لا طائل تحتها؛ لأنّ الفعل: ({تَرْزُقُ}) ينصب مفعولين، لأنه بمعنى:

تعطي، وتمنح، وقد نصبهما. والثاني فيهما: «رزقا» الذي قدرته.

{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٢٨)}

الشرح: نهى الله المؤمنين في هذه الآية عن موالاة الكافرين لقرابة، أو صداقة، ونحوهما؛ حتى لا يكون حبّهم، وبغضهم إلا لله، كما نهى عن الاستعانة بهم في الغزو، وسائر الأمور الدّينيّة، والدّنيوية، وإنّما يجب الحب للمؤمنين خاصّة، والمعاونة، والمساعدة لهم، وبهم، ومثل هذه قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٥١]: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ..}. إلخ، وقال تعالى في سورة (النساء) رقم [١٤٤]: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ..}. إلخ، وفي أوّل سورة (الممتحنة): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي..}. إلخ. انظر شرح الآيات في محالها.

هذا؛ ويروي التاريخ: أنه لمّا وقع الخلاف بين معاوية، وعليّ بن أبي طالب عرض قيصر الروم مساعدته لمعاوية، فردّ عليه معاوية بقوله: أنا أستعين بكافر على مسلم، والله لو قطّعت إربا إربا ما استعنت بكافر على مسلم، وانظر الآية رقم [١١٨] الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>