قال: ما يبكيك؟ أأكرهتك؟ قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قطّ، وما حملني عليه إلاّ الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا، وما فعلته، اذهبي فهي لك. وقال: لا والله، لا أعصي الله بعدها أبدا، فمات من ليلته، فأصبح مكتوبا على بابه، إنّ الله قد غفر للكفل». رواه الترمذي، وحسنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
الإعراب:{وَاذْكُرْ:} الواو: حرف عطف. (اذكر): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت».
{إِسْماعِيلَ:} مفعول به. {وَالْيَسَعَ:} معطوف عليه. {وَذَا:} الواو: حرف عطف. (ذا): معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و (ذا) مضاف، و {الْكِفْلِ} مضاف إليه. هذا؛ ولم يذكر لفظ:(عبادنا) كما ذكر قبل إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، اكتفاء به. {وَكُلٌّ:} الواو: واو الحال. (كل): مبتدأ، سوغ الابتداء به الإضافة المقدرة؛ إذ التقدير: وكلهم. {مِنَ الْأَخْيارِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من {إِسْماعِيلَ} وما عطف عليه، والرابط: الواو، والضمير، والجملة الفعلية:{وَاذْكُرْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
الشرح:{هذا ذِكْرٌ} أي: هذا ذكر جميل في الدنيا، وشرف عظيم يذكرون به فيها أبدا بعد موتهم، ولحوقهم بالرفيق الأعلى. والإشارة إلى ما تقدم من الآيات الناطقة بمحاسنهم، كيف لا؟ وقد قال تعالى في سورة (مريم) رقم [٥٠]: {وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا،} وإبراهيم صلوات الله وسلامه عليه قد سأل الله ذلك، فقال:{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} رقم [٨٤] من سورة (الشعراء). هذا؛ وقد روى أشهب عن مالك أنه قال: لا بأس أن يحب الرجل أن يثنى عليه صالحا، ويرى في عمل الصالحين؛ إذا قصد به وجه الله تعالى، وقد قال تعالى:{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} رقم [٣٩] من سورة (طه)، وقال جل ذكره في سورة (مريم): {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا} أي: حبا في قلوب عباده، وثناء حسنا، فنبه الله تعالى بآية (الشعراء) على استحباب اكتساب ما يورث الذكر الجميل، وهي الحياة الثانية؛ التي قال فيها أحمد شوقي-رحمه الله تعالى-: [الكامل]
دقّات قلب المرء قائلة له... إنّ الحياة دقائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها... فالذّكر للإنسان عمر ثان
هذا؛ وقيل: المراد ب: {ذِكْرٌ} القرآن الكريم، ولا وجه له هنا.