للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وها أنذا أنقل لك أيها القارئ الكريم ما ذكره الثعلبي في قصص الأنبياء، وقد نقله عنه الخازن في سورة (الأنبياء)، وهو ما يلي:

قال مجاهد: لما كبر اليسع؛ قال: إني أستخلف رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي؛ حتى أنظر كيف يعمل، فجمع الناس، ثم قال: من يتكفل لي بثلاث استخلفته: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب، فقام إليه شاب تزدريه العيون، فقال: أنا، فرده ذلك اليوم، وقال في اليوم الثاني مثلها، فسكت الناس، فقال ذلك الرجل: أنا أعمل ذلك، فاستخلفه. قال: فلما رأى إبليس ذلك جعل يقول: عليكم بفلان، وأعياهم، فقال: دعوني وإياه، فأتاه بصورة شيخ كبير فقير حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام بالليل والنهار إلا تلك النومة، فدق إبليس الباب عليه، فقال: من هذا؟ فقال: شيخ كبير مظلوم، ففتح له الباب فجعل يقص عليه القصة، ويقول: إن بيني وبين قومي خصومة، وإنهم ظلموني، وفعلوا، وفعلوا، وجعل يطول عليه حتى حضر وقت الرواح، وذهبت القائلة، فقال له: إذا رحت فإني آخذ لك بحقك، فانطلق، وراح إلى مجلسه، فلما جلس جعل ليرى الشيخ، فلم يره، وقام، فلم يتبعه، فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس، وينظره، فلم يره، فلما رجع إلى القائلة، وأخذ مضجعه؛ أتاه، فدق الباب عليه، فقال: من هذا، فقال: أنا الشيخ المظلوم، ففتح له، وقال له: ألم أقل لك: إذا قعدت؛ فائتني. فقال: إنهم قوم إذا عرفوا أنك قاعد، يقولون: نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني، قال: فانطلق، فإذا رحت فائتني. وفاتته القائلة، فراح فلما جلس جعل ينظر، فلا يراه، وشق عليه النعاس، فلما كان اليوم الثالث، قال لبعض أهله: لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب؛ حتى أنام، فإنه قد شق عليّ النعاس، فلما كانت تلك الساعة؛ نام، فجاء الخبيث، فلم يأذن له الرجل، فلما أعياه؛ نظر، فرأى كوة في البيت، فتسور منها، فإذا هو في البيت، فدق الباب عليه من داخل، فاستيقظ، فقال: يا فلان ألم آمرك ألاّ تأذن لأحد علي، قال: أما من قبلي فلم تؤت، فانظر من أين أتيت؟ فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه، وإذا الرجل معه في البيت، فقال: أتنام؛ والخصوم ببابك؟ فنظر إليه فعرفه، فقال: أعدوّ الله.؟ قال: نعم أعييتني، وفعلت ما فعلت؛ لأغضبك، فعصمك الله مني! فسمي ذا الكفل؛ لأنه تكفل بأمر، فوفى به. وقال أبو موسى الأشعري: إن ذا الكفل لم يكن نبيا، وإنما كان عبدا صالحا، تكفل بعمل رجل صالح، وكان يصلي لله تعالى في كل ليلة مئة صلاة، فأحسن الله عليه الثناء. وقيل: هو إلياس. وقيل: هو زكريا. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب. انتهى. هذا؛ وذو الكفل المذكور في الآية الكريمة غير الكفل الذي جاء في الحديث الشريف، وخذه بحروفه: عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحدث حديثا، لو لم أسمعه إلا مرة، أو مرتين حتى عدّ سبع مرات، ولكن سمعته أكثر، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «كان الكفل من بني إسرائيل، لا يتورّع من ذنب عمله، فأتته امرأة، فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت، وبكت،

<<  <  ج: ص:  >  >>