للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠)}

الشرح: {وَإِنْ يَتَفَرَّقا:} وقرئ: («يتفارقا») أي: إن لم يصطلح الزّوجان على شيء ممّا تقدّم في الآية رقم [١٢٨]: وحصلت الفرقة بينهما بالخلع، أو بتطليقه إيّاها، وإعطائها حقوقها كاملة من مهر، ونفقة، وغير ذلك. {يُغْنِ اللهُ..}. إلخ؛ أي: يغني الله كلّ واحد من الزوجين من فضله، أي: بأن يرزق كلّ واحد زوجا خيرا من زوجه، وعيشا أهنأ من عيشه. {واسِعاً} أي:

واسع الفضل، والرّحمة. وقيل: واسع القدرة، والعلم، والرزق. وقيل: هو الغني الذي وسع جميع مخلوقاته غناه. انتهى. خازن. {حَكِيماً:} فيما قضى، وحكم؛ حيث رخّص بالفرقة بين الزوجين إذا اشتدّ الخصام بينهما، وساءت عشرتهما مع بعضهما. وقد أدرك الأجانب حكمة الطلاق، والفرقة بين الزوجين، فأقرّوه في محاكمهم بعد تشدّدهم في منعه عشرين قرنا من الزّمن. فلله الحمد، والمنّة على ما شرع لنا من تعاليم؛ النّاس كلّهم بحاجة إليها.

روي: أنّ رجلا شكا إلى جعفر الصّادق بن محمّد الباقر الفقر، فأمره بالنّكاح، فذهب الرّجل، وتزوّج، ثمّ جاء إليه، وشكا إليه الفقر، فأمره بالطّلاق، فسئل عن ذلك، فقال: أمرته بالنكاح لعلّه يكون من أهل هذه الآية: {إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} فلمّا لم يكن من أهل تلك الآية أمرته بالطلاق، فقلت: لعلّه من أهل هذه الآية: {وَإِنْ يَتَفَرَّقا..}. إلخ.

الإعراب: {وَإِنْ:} الواو: حرف عطف. ({إِنْ}): حرف شرط جازم. {يَتَفَرَّقا:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، وألف الاثنين فاعله، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {يُغْنِ:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلّة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية، لا محلّ لها؛ لأنّها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍ «إذا» الفجائية. {كُلاًّ:} مفعول به. {مِنْ سَعَتِهِ} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، و ({إِنْ}) ومدخولها كلام معطوف على مثله في الآية السابقة لا محلّ له مثله، وجملة: {وَكانَ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

{وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيّاكُمْ أَنِ اِتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١)}

الشرح: {وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ:} انظر الآية [١٢٦]. {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} أي: اليهود، والنصارى، ومن قبلهم، والمراد ب‍ {الْكِتابَ:} جميع الكتب السماوية،

<<  <  ج: ص:  >  >>