للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله أيضا، وفاعله محذوف أيضا.

{فَسَوْفَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (سوف): حرف استقبال، وهي مفيدة للتحقيق، والتوكيد هنا. {نُؤْتِيهِ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الياء للثقل، والفاعل تقديره: نحن، والهاء مفعول به أول. {أَجْراً:} مفعول به ثان. {عَظِيماً:} صفة له، وجملة: (سوف...) إلخ في محل جزم جواب الشرط... إلخ، وخبر المبتدأ مختلف فيه كما ذكرته لك مرارا وتكرارا، والجملة الاسمية: {وَمَنْ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة، والتي بعدها بسبب طعمة بن أبيرق السّارق لمّا حكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقطع يده، وهرب إلى مكّة، وارتدّ عن الإسلام، كما رأيته فيما سبق، ومعنى: {يُشاقِقِ الرَّسُولَ} صلّى الله عليه وسلّم: يخالفه، ويخرج عن طاعته. هذا؛ وللشّقاق ثلاثة معان انظرها في الآية رقم [٣٥].

هذا؛ والفعل {يُشاقِقِ} بالفكّ هنا، وقرئ بسورة (الأنفال) رقم [١٣]، وسورة (الحشر) رقم [٤] بالفكّ، والإدغام، وقد ذكرت هناك: أنّهما قراءتان، والقراءة توقيفية، والقواعد النحوية تجيز في المضارع المضعّف المجزوم بجازم: الفكّ، والإدغام.

{مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى:} ظهر له الحق. هذا؛ ويقال: تبين الشيء، وبان، وأبان، واستبان، كلّه بمعنى واحد، وهو لازم، وقد يستعمل بعضها متعديا، يقال: استبان الشّيء، واستبنته. {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ:} غير ما هم عليه من اعتقاد، أو عمل. وهو دليل على: أنّ الإجماع حجّة شرعية لا يجوز مخالفتها، كما لا تجوز مخالفة الكتاب، والسنة؛ لأنّ الله تعالى جمع بين اتّباع غير سبيل المؤمنين، وبين مشاقّة الرّسول في الشّرط، وجعل جزاءه الوعيد الشديد، فكان اتّباعهم واجبا كموالاة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. انتهى نسفي.

{نُوَلِّهِ ما تَوَلّى:} نجعله واليا لما تولى من الضّلال، وندعه وما اختاره في الدّنيا لنفسه.

أي: إذا سلك الطّريق المعوجّة؛ جازيناه على ذلك بأن نحسنها في صدره، ونزينها له استدراجا له، كما قال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ،} وقال تعالى:

{فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ}. {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ:} ندخله في الآخرة جهنم جزاء إعراضه عن متابعة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وطريق المؤمنين في الدنيا. {وَساءَتْ مَصِيراً:} ساء: فعل ذم يجري مجرى:

«بئس». {مَصِيراً:} مقرّا، ومآلا.

روي: أنّ الشافعي-رضي الله عنه-سئل عن آية في كتاب الله تعالى تدلّ على أنّ الإجماع حجّة، فقرأ القرآن ثلاثمائة مرّة حتّى استخرج هذه الآية. انتهى خازن.

<<  <  ج: ص:  >  >>