قبلها، وإن اعتبرتها حالا من (نا) فلست مفندا، ويلزم تقدير «قد» قبلها، ويكون الرابط: الواو، والضمير، وجملة:{فَظَلَمُوا بِها} معطوفة عليها. {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية.
{نُرْسِلَ بِالْآياتِ} مثل سابقه. {إِلاّ:} حرف حصر. {تَخْوِيفاً:} مفعول لأجله، وأجيز اعتباره حالا، إما من الفاعل؛ أي: مخوفين، أو من المفعول؛ أي: مخوفا بها، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها حالا من نا فلست مفندا، والرابط: الواو، والضمير، وتكون حالا متداخلة من وجه واحد، وهو اعتبار الأولى حالا.
الشرح:{وَإِذْ قُلْنا لَكَ} أي: واذكر يا محمد إذ قلنا لك. {إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنّاسِ} أي: قدرته محيطة بهم، فهم في قبضته، وقدرته، لا يقدرون على الخروج من مشيئته، وإذا كان الأمر كذلك، فهم لا يقدرون على أمر من الأمور إلا بقضائه وقدره، وهو حافظك، ومانعك منهم، فلا تهبهم، وامض لما أمرك من التبليغ للرسالة، فهو ينصرك، ويقويك على ذلك. انتهى. خازن.
وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الناس هنا: أهل مكة، وإحاطته بهم: إهلاكه إياهم؛ أي: إن الله سيهلكهم. وذكره بلفظ الماضي لتحقق وقوعه، وعنى بهذا الإهلاك الموعود ما جرى يوم بدر، ويوم الفتح.
{وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ:} قال الخازن: الأكثرون من المفسرين على أنّ المراد منها ما رأى: النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج من العجائب والآيات. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-هي رؤيا عين، أريها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج، وهي ليلة أسري به إلى بيت المقدس، وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه أسري به، انظر ما ذكرته في أول السورة ففيه الكفاية، وعليه فالمراد بالرؤيا بالألف: الرؤية بالتاء، وهي البصرية، ولو كانت منامية لما ارتدّ أحد؛ لأن أحدا لا يستنكر، بل، ولا يستغرب ما يذكر له من رؤيا المنام. هذا؛ وكتابة البصرية بالألف قليل، والكثير في كتابة الحلمية بالألف.
وقيل: المراد بهذه الرؤيا ما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام الحديبية: أنه دخل مكة هو، وأصحابه فعجل المسير إلى مكة قبل الأجل، فصدّه المشركون، ورجع إلى المدينة، فكان رجوعه في ذلك العام بعد ما أخبر: أنه يدخلها فتنة لبعضهم، ثم دخل مكة في العام المقبل، وأنزل الله عز وجل: