للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} يعني: شجرة الزقوم؛ التي وصفها الله تعالى في سورة (الصافات) من الآية رقم [٦٢] وما بعدها، والعرب تقول لكل طعام كريه: طعام ملعون، والفتنة فيها: أن أبا جهل قال: ابن أبي كبشة-يعني: النبي صلّى الله عليه وسلّم-توعدكم بنار تحرق الحجارة، ثم يزعم: أنه تنبت فيها شجرة، وتعلمون: أن النار تحرق الشجر، وما نعرف الزقوم إلا التمر، والزبد، ثم قال:

يا جارية! تعالي فزقمينا. فأتت بتمر، وزبد، فقال: يا قوم! تزقموا، فإن هذا ما يخوفكم به محمد، فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجر: {إِنّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظّالِمِينَ..}. إلخ فقد استغربوا من ذلك، ونسبوا لله العجز عن خلق شجرة في النار، وهو قادر على أكثر منه. ويقويه: أن النعامة تبتلع الجمر، والحديد المحمّى بالنار، ولا يحرقها، وإن طير السمندل يتّخذ من وبره مناديل، فإذا اتسخت؛ ألقيت في النار، فيزول وسخها، وتبقى بحالها. والمراد: بلعن الشجرة: لعن آكليها؛ لأنه لم يجر في القرآن لعن هذه الشجرة، ولكن الله لعن الكفار، وهم آكلوها.

{وَنُخَوِّفُهُمْ} أي: بالزقوم وغيرها. {فَما يَزِيدُهُمْ} أي: التخويف. {إِلاّ طُغْياناً كَبِيراً} أي:

تمردا، وعتوا عظيما. هذا؛ والطغيان: مجاوزة الحد، يقال: طغا، يطغى، ويطغو طغيانا، وطغوانا جاوز الحد، وكل مجاوز حده في العصيان طاغ، وكل مسرف في الظلم، والمعاصي طاغ، وطغى البحر: هاجت أمواجه، وطغى السيل: جاء بماء كثير. قال تعالى: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ}.

هذا؛ و (الناس) اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: قوم، ورهط... إلخ، واحده:

«إنسان» من غير لفظه، وهو يطلق على الإنس، والجن، ولكن غلب استعماله في الإنس. قال تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ} وأصله: الأناس، حذفت منه الهمزة تخفيفا على غير قياس، وحذفها مع لام التعريف كاللازم، لا يكاد يقال: الأناس، وقد نطق القرآن الكريم بهذا الأصل، ولكن بدون لام التعريف. قال تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} الآية رقم [٧١] الآتية. وقيل: إن أصله النّوس، ولم يحذف منه شيء، وإنما قلبت الواو ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها. وانظر شرح {الْإِنْسانُ} في الآية رقم [١١] فإنه جيد.

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو: حرف استئناف. (إذ): ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل محذوف، تقديره: اذكر، وابن هشام في مغنيه يعتبره مفعولا به للفعل المحذوف المقدر بما رأيت. {قُلْنا:} فعل، وفاعل. {لَكَ:} متعلقان به. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبَّكَ:} اسمها، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَحاطَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {رَبَّكَ}. {بِالنّاسِ:} متعلقان به، وهما في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية في محل نصب

<<  <  ج: ص:  >  >>