للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٣)}

الشرح: {قالَ} أي: هود عليه السّلام. {إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ} أي: الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب، فسيفعل ذلك بكم. أو المعنى: العلم بمجيء العذاب عند الله، لا عندي. {وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ:} وأما أنا فمن شأني أبلغكم ما أرسلت به، وأمرني الله بتبليغه إياكم. {وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} أي: لا تعلمون: أنّ الرسل بعثوا مبلّغين منذرين، لا معذبين مقترحين، أو المعنى تجهلون عقاب الله، وقدره.

هذا؛ والجاهل من يجهل ما يتعلق به من المكروه، والمضرة، ومن حق الحكيم ألاّ يقدم على شيء؛ حتى يعلم كيفيته، وحاله، ولا يشتري الحلم بالجهل، ولا الأناة بالطيش، ولا الرفق بالخرق، كما قال أبو ذؤيب الهذلي:

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم... فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل

وإن لم يكن كذلك يصدق عليه أنه من أكبر الجهال، والحمار أفضل منه، كما قال الشاعر الحكيم: [البسيط] فضل الحمار على الجهول بخلّة... معروفة عند الّذي يدريها

إنّ الحمار إذا توهّم لم يسر... وتعاود الجهّال ما يؤذيها

والدليل على ذلك من يرتكب الفواحش، والمنكرات، ويفعل المعاصي، والسيئات، مثل لاعب القمار، وشارب الخمر... إلخ، فالحمار لا يلقي نفسه بتهلكة، والجاهل يفعل ذلك، والحمار لا يشرب الخمر، والجاهل يشربها إلى غير ذلك!

الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى هود عليه السّلام.

{إِنَّمَا:} كافة ومكفوفة. {الْعِلْمُ:} مبتدأ. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {وَأُبَلِّغُكُمْ:}

الواو: حرف عطف. (أبلغكم): مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والكاف مفعول به أول. {إِنَّمَا:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. {أُرْسِلْتُ:} فعل ماض مبني للمجهول، مبني على السكون، والتاء نائب فاعله. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها، وجملة: {وَأُبَلِّغُكُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، ويبعد اعتبارها حالا. {وَلكِنِّي:} الواو:

حرف عطف. (لكني): حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم اسمها. {أَراكُمْ:}

فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»

<<  <  ج: ص:  >  >>