{وَيُنْذِرَ:} يخوف بالتهديد، والوعيد. {الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً:} وهم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله، والنصارى الذين قالوا: عيسى ابن الله، ومشركو العرب الذين قالوا:
الملائكة بنات الله. هذا؛ و (الأبد): الزمان الطويل الذي ليس له حد، فإذا قلت: لا أكلمك أبدا؛ فالأبد من وقت التكلم إلى آخر العمر. هذا؛ وقيد سبحانه المكث بالأبد حتى لا يفهم منه المكث الطويل الذي ينقطع، ولا يدوم.
الإعراب: {ماكِثِينَ:} حال من الضمير في: {لَهُمْ} منصوب، وعلامة نصبه الياء.. إلخ، وفاعله مستتر فيه. {فِيهِ:} متعلقان ب: {ماكِثِينَ}. {أَبَداً:} ظرف زمان متعلق به أيضا.
{وَيُنْذِرَ:} معطوف على لينذر، منصوب مثله، والفاعل يعود إلى (الكتاب) أيضا. {الَّذِينَ:}
اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول، والمفعول الثاني: محذوف، تقديره: عذابا شديدا، بخلاف الأول، فإنه حذف منه المفعول الأول: كما رأيت، فقد حذف من كل منهما ما ذكر في الآخر، ومثل هذا يسمى في الكلام احتباكا. {قالُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، وجملة: {اِتَّخَذَ اللهُ وَلَداً} في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها.
{ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً (٥)}
الشرح: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} أي: ليس للكافرين الذين يزعمون أن الله اتخذ ولدا، ليس لهم علم بالولد، أو باتخاذه، أو بالقول الذي يفترونه، والمعنى: أنهم يقولونه عن جهل مفرط، وتوهم كاذب، أو تقليد لما سمعوه من أوائلهم من غير علم بالمعنى الذي أرادوا به. أو المعنى:
لا يعرفون الله حق المعرفة، ولو عرفوه لما جوزوا نسبة اتخاذ الولد إليه. {وَلا لِآبائِهِمْ} أي:
وليس لآبائهم علم بما تقوّلوه، وافتروه من قبلهم.
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ} أي: عظمت مقالتهم هذه في الكفر لما فيها من التشبيه، والتشريك، وإيهام احتياجه تعالى إلى ولد يعينه، ويخلفه إلى غير ذلك من الزيغ والضلال. هذا؛ وجمع {أَفْواهِهِمْ} على الأصل؛ لأن الأصل في: فم: فوه مثل: حوض، وأحواض. {إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً} أي: قولهم: اتخذ الله ولدا كذب صراح؛ لكونه في غاية الفساد، والبطلان، فكان يجري على لسانهم على سبيل التوهم، والتقليد بدون تعقل، وتفكر، وتدبر. هذا؛ والمراد: ب: {كَلِمَةً} الكلام الكثير. وانظر الآية رقم [٢٤] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام.
وانظر شرح (الكذب) في الآية رقم [١٠٥] من سورة (النحل).