وَعِلْماً أي: نبوة وفقها في الدين، وقيل: إصابة في القول، وعلما بتأويل الرؤيا، وقيل: الفرق بين الحكيم، والعالم: أن العالم هو الذي يعلم الأشياء بحقائقها، والحكيم هو الذي يعمل بما يوجبه العلم. {وَكَذلِكَ} أي: وكما أنعمنا على يوسف بهذه النعم كلها. {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}: فيه إشارة إلى أن الله تعالى إنما منحه ما منحه من النعم جزاء إحسانه، هذا؛ والمحسن: هو الذي يحسن معاملته مع الله تعالى بأداء ما أمر، والابتعاد عن ما نهى عنه، ويحسن إلى عباده، فيعطف على ضعيفهم، ويواسي فقيرهم، ويرشد جاهلهم إلخ.
تنبيه: قال الطبري: هذا؛ وإن كان مخرجه ظاهرا على كل محسن، فالمراد به محمد صلّى الله عليه وسلّم، يقول الله تعالى: كما فعلت بيوسف بعد أن قاسى ما قاسى، ثم أعطيته ما أعطيته، كذلك أنجيك من شركي قومك، الذين يقصدونك بالعداوة، وأمكن لك في الأرض. انتهى. قرطبي.
تنبيه: لعلك تدرك معي: أن الله تعالى قال في حق موسى عليه السّلام في سورة (القصص): {وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى} ولم يقل هنا {وَاسْتَوى} والسبب في ذلك: أن الله أرسل موسى على رأس الأربعين، وهو سن الاستواء، والنضج عقلا، وجسما، وتفكيرا... إلخ، أما الأشد وهو سن الثلاث والثلاثين، فإنه لا يزال في ازدياد إلى سن الأربعين، وليس بعده نضج ولا كمال ولا تمام، وقد يثبت عليه إلى سن الخمسين، ثم يأخذ بالنقصان في كل شيء، عقلا، وجسما، وتفكيرا، وحواسه تأخذ بالضعف، وكل ذلك مشاهد، وجلي.
الإعراب:{وَلَمّا}: الواو: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [١٥]. {بَلَغَ}: ماض، وفاعله يعود إلى (يوسف). {أَشُدَّهُ}: مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا، ولا محل لها على اعتبار (لمّا) حرفا. {آتَيْناهُ}: ماض وفاعله ومفعوله الأول. {حُكْماً}: مفعول به ثان، والجملة الفعلية جواب (لمّا) لا محل لها، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. (علما): معطوف على ما قبله. (كذلك): جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، التقدير: نجزي المحسنين جزاء كائنا مثل الجزاء الذي جزيناه يوسف. {نَجْزِي}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره:«نحن». {الْمُحْسِنِينَ}: مفعول به أول منصوب... إلخ، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: خيرا ونحوه؛ لأن الفعل ينصب مفعولين، وجملة:(كذلك...) إلخ مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ} أي: إن امرأة العزيز طلبت من يوسف الذي هو خادمها وفي بيتها الفعل القبيح، ودعته إلى نفسها؛ ليواقعها.