للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦)}

الشرح: {ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} أي: من متاع الدنيا ولذاتها يفنى ويذهب. {وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ} أي: من ثواب الآخرة، ونعيم الجنة. {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا} أي: على السرّاء والضرّاء، وعلى الوفاء بالعهد، وعلى الطاعات على اختلاف أنواعها، وعن المعاصي على تفاوت مراتبها ودرجاتها، وعلى أذى الكفار. وانظر «الصبر» في الآية رقم [١١٥] من سورة (هود) عليه السّلام.

وانظر (نا) في الآية رقم [٢٣] من سورة (الحجر)، ويقرأ الفعل بالياء. {بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي: من الطاعات، من واجبات، ومندوبات. هذا؛ وقد قال الزمخشري: إنّ كلّ ما فاؤه نون، وعينه فاء يدل على معنى الخروج، والذهاب مثل: نفق، ونفخ، ونفذ، ونفد... إلخ.

هذا؛ وإعلال {باقٍ} مثل إعلال {ناجٍ} في الآية رقم [٤٢] من سورة (يوسف) عليه السّلام.

الإعراب: {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {عِنْدَكُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والكاف في محل جر بالإضافة. {يَنْفَدُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى {ما،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية تعليل للخبرية، والجملة الاسمية بعدها معطوفة عليها. {باقٍ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. {وَلَنَجْزِيَنَّ:} الواو: حرف استئناف. اللام: واقعة في جواب قسم محذوف. (نجزين): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، أو هو. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول، وجملة: {صَبَرُوا} صلة الموصول. {أَجْرَهُمْ:} مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة. {بِأَحْسَنِ:} متعلقان بالفعل نجزين. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، وانظر تفصيل الإعراب في الآية رقم [٩٣] ففيها الكفاية، وجملة: {وَلَنَجْزِيَنَّ..}. إلخ جواب القسم المحذوف، والقسم المحذوف وجوابه كلام مستأنف، لا محل له.

{مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)}

الشرح: {مَنْ عَمِلَ صالِحاً..}. إلخ: يخبرنا الله جلت حكمته بهذه الآية: أنه يثيب العاملين أعمالا صالحة بحياة طيبة في الدنيا، فإنه إن كان موسرا؛ فالأمر واضح، وإن كان معسرا فيطيب عيشه بالقناعة، والرضا بالقسمة، وتوقع الأجر العظيم في الآخرة، بخلاف الكافر، والمنافق،

<<  <  ج: ص:  >  >>