للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزول، فهو على التحقيق قليل: وقد فسرت ذلك الآية التالية؛ حيث بينت الفرق بين حال الدنيا، وحال الآخرة بأنّ هذه تنفد، وتزول، وما عند الله من مواهب فضله، ونعيم جنته ثابت لا يزول لمن وفى بالعهد، وثبت على العقد. ولقد أحسن من قال: [الكامل]

المال ينفد حلّه وحرامه... يوما، وتبقى في غد آثامه

ليس التقيّ بمتّق لإلهه... حتّى يطيب شرابه وطعامه

وقال آخر: [الوافر]

هب الدنيا تساق إليك عفوا... أليس مصير ذاك إلى انتقال؟

وما دنياك إلاّ مثل فيء... أظلّك، ثمّ آذن بالزّوال

{إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ..}. إلخ: أي: أنّ الذي عند الله من الثواب لكم على الوفاء بالعهد خير وأفضل من حطام الدنيا العاجل. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:} الفرق بين عرض الدنيا، وحطامها الزائل، وثواب الآخرة الباقي الدائم. هذا؛ وانظر (عهد الله) في الآية رقم [٢٠] من سورة (الرعد). وانظر شرح: {خَيْرٌ} في الآية رقم [٣٩] من سورة (يوسف) على نبينا، وحبيبنا، وعليه، وعلى جميع الأنبياء، والمرسلين ألف صلاة، وألف سلام.

قيل: نزلت الآية وما بعدها في امرئ القيس بن عابس الكندي، وخصمه عبدان بن أسوع، اختصما في أرض، فأراد امرؤ القيس أن يحلف، فلما سمع هذه الآية؛ نكل، وأقرّ له بحقه.

وهذا يعني: أن الآيتين مدنيتان. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أحبّ دنياه أضرّ بآخرته، ومن أحبّ آخرته أضرّ بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى».

الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تَشْتَرُوا:} مضارع مجزوم ب‍: (لا)، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق. {بِعَهْدِ:} متعلقان بما قبلهما، و (عهد) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {ثَمَناً:} مفعول به. {قَلِيلاً:} صفته، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {إِنَّما:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل. (ما):

اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسمها. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة (ما)، و {عِنْدَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {هُوَ:} مبتدأ. {خَيْرٌ:} خبره. {لَكُمْ:}

متعلقان ب‍: {خَيْرٌ} والجملة الاسمية: {هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} في محل رفع خبر (إنّ)، وجملة:

{إِنَّما..}. إلخ تعليل للنهي، لا محل لها. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٤٣] وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه؛ إذ التقدير: إن كنتم تعلمون ذلك؛ فلا تشتروا... إلخ، أو فلا تنقضوا.. إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>