للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهد نفسه لم نكثت؟ تقريعا وتوبيخا للناكث على حدّ قوله تعالى في سورة (التكوير): {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} وذلك على طريق الاستعارة بالكناية بأن يشبه العهد بمن نكث عهده، ونسبة السؤال إليه تخييل. انتهى. جمل.

وأما {الْيَتِيمِ} فهو من فقد أباه، أو أمه، أو فقدهما معا، وقد يغلب أن يكون المراد: من فقد معيله من بني آدم، والأم من الحيوانات والطيور، وهناك يتيم العقل، والأدب، والتربية، والخلق، والدين. وهو أسوأ حالا من الأول، وإن كان قد بلغ من العمر الخمسين، والستين، ويملك من الأموال الملايين، ورحم الله من قال: [البسيط]

ليس اليتيم الذي قد مات والده... إنّ اليتيم يتيم العلم والأدب

وخذ قول الآخر: [الكامل]

ليس اليتيم من انتهى أبواه من... همّ الحياة وخلّفاه ذليلا

إنّ اليتيم هو الذي تلقى له... أمّا تخلّت، أو أبا مشغولا

هذا؛ وقد وردت أحاديث شريفة كثيرة توصي باليتيم، وتحث على الإحسان إليه، سأعرض لها في مناسبة أخرى تأتي بعد إن شاء الله تعالى.

الإعراب: {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ:} انظر: {وَلا تَقْتُلُوا..}. إلخ في الآية [٣١] {إِلاّ:} حرف حصر. {بِالَّتِي:} متعلقان بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال؛ أي: لا تقربوه في حال من الأحوال، إلا بحال إصلاحه، وتثميره، ويجوز تعليقهما بالفعل قبلهما، والجملة الاسمية: {هِيَ أَحْسَنُ} صلة الموصول، لا محل لها. {حَتّى:} حرف غاية وجر. {يَبْلُغَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد {حَتّى} والفاعل يعود إلى {الْيَتِيمِ}. {أَشُدَّهُ:} مفعول به، و (ها): في محل جر بالإضافة، و «أن» المضمرة في تأويل مصدر في محل جر ب‍: {حَتّى،} والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {وَلا تَقْتُلُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها. {وَأَوْفُوا:}

أمر مبني على حذف النون.. إلخ والواو فاعله، والألف للتفريق. {بِالْعَهْدِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، والجملة الاسمية: {إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً} تعليل للأمر، وإعرابها ظاهر إن شاء الله تعالى وقد تقدم مثلها، ومتعلق: {مَسْؤُلاً} محذوف، التقدير: مسئولا عنه، وتقديره مقدما أولى؛ ليجري فيه إعراب الآية الآتية برقم [٣٦].

{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٣٥)}

الشرح: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ:} إذا كلتم؛ أي: أتموا الكيل للناس إذا كلتم لهم، وأعطوهم حقوقهم كاملة. {وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ} أي: بالميزان السوي صغيرا كان، أو كبيرا. قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>