للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو رومي. وقيل: سريانيّ عرّب، والأصح: أنه عربي مأخوذ من القسط، وهو العدل. قال تعالى في سورة (الأنعام): {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ}. {ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أي:

أجمل وأسلم عاقبة، ومآلا، فهو من: آل، يؤول بمعنى: رجع، يرجع. وانظر شرح: {خَيْرٌ} في الآية رقم [٣٩] من سورة (يوسف) عليه السّلام، وإعلال {الْمُسْتَقِيمِ} مثل إعلال (مقيم) في الآية رقم [٤٠] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام.

تنبيه: اعلم: أن التفاوت الحاصل بسبب نقصان الكيل، والميزان وقت الإعطاء، وزيادتهما وقت الأخذ شيء قليل، والوعيد المذكور في سورة (المطففين) وغيرها شديد عظيم، فوجب الاحتراز عنه، وإنما عظم الوعيد فيه؛ لأن جميع الناس محتاجون إلى المعاوضات، والبيع، والشراء، فالشارع الحكيم بالغ في المنع في التطفيف، والنقصان سعيا وحرصا على صحة المعاملات، ولا تنس: أن الله أهلك قوم شعيب بسبب هذه الجريمة مقرونة بالشرك، وعبادة غير الله تعالى. هذا؛ وأضيف: أن الله جلت قدرته قد قال في سورة (الأنعام) بعد الأمر بإيفاء الكيل والميزان: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} وذلك لأن إيفاء الحق عسير، فكأنه تعالى يقول:

عليكم بما في وسعكم، وطاقتكم، وما عداه غير مؤاخذين به، وخذ ما يلي:

قال الحسن-رحمه الله تعالى-: ذكر لنا: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يقدر رجل على حرام، ثم يدعه، ليس لديه إلاّ مخافة الله تعالى؛ إلاّ أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك». انتهى. قرطبي.

فعن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأصحاب الكيل والوزن: «إنّكم قد ولّيتم أمرا، فيه هلكت الأمم السالفة قبلكم». رواه الترمذي، وفي حديث آخر مشهور: «ولم ينقصوا المكيال، والميزان، إلاّ أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السلطان عليهم».

الإعراب: {وَأَوْفُوا:} أمر مبني على حذف النون.. إلخ. وانظر إعراب: (امضوا) في الآية رقم [٦٥] من سورة (الحجر)، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{الْكَيْلَ:} مفعول به. {إِذا:} ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله، وهو أولى من اعتبارها شرطية محذوفة الجواب. {كِلْتُمْ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها، وجملة: {وَأَوْفُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها. وأيضا جملة:

{وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ} معطوفة عليها. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ. {وَأَحْسَنُ:}

معطوف عليه. {تَأْوِيلاً:} تمييز لأحدهما على التنازع، والجملة الاسمية: {ذلِكَ..}. إلخ تعليل للأمر، لا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>