للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {فَكَذَّبُوا} بعد قوله: {كَذَّبَتْ} قلت: معناه كذبوا، فكذبوا عبدنا؛ أي: كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب، كلما مضى منهم قرن مكذب؛ تبعه قرن مكذب، أو كذبت قوم نوح الرسل، فكذبوا عبدنا؛ أي: لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوة رأسا؛ كذبوا نوحا؛ لأنه من جملة الرسل. انتهى. هذا؛ وقيل: معنى (ازدجر) ازدجرته الجن، وتخبطته. هذا؛ وانظر شرح {قَوْمُ} في (الذاريات) رقم [٤٦].

الإعراب: {كَذَّبَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له. {قَبْلَهُمْ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {قَوْمُ:} فاعل {كَذَّبَتْ،} والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، و {قَوْمُ} مضاف، و {نُوحٍ} مضاف إليه. {فَكَذَّبُوا:} (الفاء): حرف عطف. (كذبوا):

فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق. هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذه الكلمة، والإعراب الحقيقي أن تقول: فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالضم الذي جيء به لمناسبة واو الجماعة. ويقال اختصارا: فعل، وفاعل. {عَبْدَنا:} مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة، وجملة: {فَكَذَّبُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَقالُوا:}

الواو: حرف عطف. (قالوا): ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {مَجْنُونٌ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذا مجنون. والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَقالُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَازْدُجِرَ:} الواو: حرف عطف. (ازدجر): فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى نوح، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. وقيل:

معطوفة على الجملة الاسمية، فهي من جملة مقول القول. وهو ضعيف.

{فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١)}

الشرح: {فَدَعا} أي: نوح. {رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ:} مقهور غلبني قومي بتمردهم. {فَانْتَصِرْ} أي:

فانتصر لي منهم. بمعنى: انتقم لي منهم. وهذا بعد صبره عليهم غاية الصبر؛ حيث مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى توحيد الله تعالى، فلم يجد فيهم شيئا، فكان الواحد منهم يلقاه، فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه، ثم يقول بعد إفاقته: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.

{فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ:} قيل: هو على ظاهره، وللسماء أبواب تفتح، وتغلق، ولا يستبعد ذلك؛ لأنه قد صح في الحديث أن للسماء أبوابا. وقيل: هو على الاستعارة، فإن الظاهر أن يكون المطر من السحاب. والمعنى: فأجبنا دعاءه، وأمرناه باتخاذ السفينة، وفتحنا أبواب السماء {بِماءٍ مُنْهَمِرٍ} أي: كثير منصب انصبابا شديدا، لم ينقطع أربعين صباحا. قال الشاعر: [الطويل] أعينيّ جودا بالدّموع الهوامر... على خير باد من معدّ وحاضر

<<  <  ج: ص:  >  >>