للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخففة من الثقيلة، و (أن) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي {ظَنَّ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية فيها معنى التوكيد لما قبلها، أو هي بدل منها. {بَلى:} حرف جواب. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبَّهُ:} اسمها، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى {رَبَّهُ}. {رَبَّهُ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {بَصِيراً:} خبر {كانَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إن،) والجملة الاسمية جواب قسم مقدر. قاله الجمل نقلا عن السمين، والكلام فيه معنى التعليل لما أفادته {بَلى}.

{فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اِتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (٢١)}

الشرح: {فَلا أُقْسِمُ:} انظر الآية رقم [١٥] من سورة (التكوير) ففيها الكفاية. {بِالشَّفَقِ:}

قال مجاهد-رحمه الله تعالى-: الشفق: هو النهار كله، وحجته في ذلك: أنه عطف عليه الليل، فيجب أن يكون المذكور أولا النهار، فعلى هذا الوجه يكون القسم بالليل، والنهار اللذين فيهما معاش العالم، وسكونه. وقيل: هو ما بقي من النهار. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-وأكثر المفسرين: هو الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس. وهو مذهب عامة العلماء.

وقيل: هو البياض الذي يعقب تلك الحمرة، وهو مذهب أبي حنيفة. والأول مذهب الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبي يوسف، والأوزاعي، وإسحاق، وغيرهم، والتوقيت اليوم على مذهب أبي حنيفة في بلادنا، ولا بأس به فإن فيه التحقيق، وهو أمكن في أمر العبادة. تأمل.

ثم قيل: أصل الكلمة من: رقة الشيء، يقال: شيء شفق؛ أي: لا تماسك له لرقته، وأشفق عليه؛ أي: رق قلبه عليه، والشفقة من الإشفاق، وهو رقة القلب، وكذلك الشفق. قال إسحاق ابن خلف. وقيل: هو لابن المعلّى: [البسيط]

تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا... والموت أكرم نزّال على الحرم

والشفق: الرديء من الشيء، يقال: عطاء مشفّق؛ أي: مقلل. قال الكميت: [الكامل]

ملك أغرّ من الملوك تحلّبت... للسّائلين يداه غير مشفّق

{وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ} أي: جمع، وضم، ولف، فالليل: يجمع، ويضم ما كان منتشرا بالنهار من الخلق، والدواب، والهوام. وذلك: أن الليل إذا أقبل؛ أوى كل شيء إلى مأواه. قال ضابئ بن الحارث البرجمي: [الطويل]

فإنّي وإيّاكم وشوقا إليكم... كقابض ماء لم تسقه أنامله

<<  <  ج: ص:  >  >>