الشرح:{أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ:} أو إن أردنا أن ننجز في حياتك، ونريك ما وعدناهم من العذاب النازل بهم، وهو يوم بدر. {فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ:} فإنهم تحت ملكنا، وقهرنا، وقدرتنا لا يفوتوننا. انتهى. كشاف.
هذا؛ وقال الحسن، وقتادة: هي في أهل الإسلام، يريد ما كان بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم من الفتن، و {نَذْهَبَنَّ بِكَ} على هذا بمعنى: نتوفينك. وقد كان بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم نقمة شديدة، فأكرم الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم وذهب به، فلم يره في أمته إلاّ ما تقرّ به عينه، وأبقى النقمة بعده، وليس من نبي إلاّ وقد أري النقمة في أمته. وروي: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أري (في المنام) ما لقيت أمته من بعده، فما زال منقبضا، ما انبسط ضاحكا؛ حتى لقي الله عزّ وجل. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إذا أراد الله بأمة خيرا؛ قبض نبيّها قبلها، فجعله لها فرطا، وسلفا. وإذا أراد الله بأمة عذابا؛ عذّبها؛ ونبيّها حيّ؛ لتقرّ عينه لما كذبوه، وعصوا أمره». انتهى. قرطبي.
أقول: جاء في حديث تميم الداري-رضي الله عنه-حديث البعير حينما قال له النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«يا أيها البعير انطلق فأنت حرّ لوجه الله تعالى». فرغا على هامة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال عليه الصلاة والسّلام:«آمين». ثم رغا، فقال:«آمين». ثمّ رغا، فقال:«آمين». ثم رغا الرابعة، فبكى عليه الصلاة والسّلام، فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟ قال:«قال: جزاك الله أيّها النبيّ عن الإسلام، والقرآن خيرا! فقلت: آمين، ثم قال: سكّن الله رعب أمّتك يوم القيامة، كما سكّنت رعبي، فقلت: آمين، ثم قال: حقن الله دماء أمّتك من أعدائها كما حقنت دمي، فقلت: آمين، ثم قال: لا جعل الله بأسها بينها، فبكيت، فإن هذه الخصال سألت ربي فأعطانيها، ومنعني هذه، وأخبرني جبريل عن الله تعالى أنّ فناء أمّتي بالسيف، جرى القلم بما هو كائن». رواه ابن ماجه؛ أي: بالحرب، والشقاق، والنزاع، بين المسلمين. قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٦٥]: {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}. انظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك.
الإعراب:{أَوْ:} حرف عطف. {نُرِيَنَّكَ:} معطوف على: {نَذْهَبَنَّ} فهو مثله في إعرابه.
{الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. {وَعَدْناهُمْ:} ماض، وفاعله ومفعوله الأول، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: الذي وعدناهم إياه. {فَإِنّا عَلَيْهِمْ..}. إلخ مثل ما قبله في الآية السابقة.
الشرح:{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} أي: من الآيات القرآنية، والشريعة السماوية. وقال الزمخشري: والمعنى: وسواء عجلنا لك الظفر، والغلبة، أو أخرنا ذلك إلى اليوم الآخر، فكن