للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنّ أمّارتي بالسّوء ما اتّعظت... من جهلها بنذير الشّيب والهرم

ولا أعدّت من الفعل الجميل قرى... ضيف ألمّ برأسي غير محتشم

لو كنت أعلم أني ما أوقّره... كتمت سرّا بدا لي منه بالكتم

أمّا (الباطل) فهو ضدّ الحق، و (الباطل) بمعنى الفاسد، والبطلان عبارة عن عدم الشيء، إما بعدم ذاته، أو بعدم فائدته، ونفعه. هذا؛ وبطل من باب: دخل، والبطل-بفتحتين-: الشجاع، والبطل-بضم فسكون-: الباطل، والكذب، والزور، والبهتان، والبطالة: التعطّل، والتفرّغ من العمل، ويجمع باطل على: أباطيل شذوذا، كما شذ: أحاديث، وأعاريض، وأفاظيع، في جمع حديث، وعريض، وفظيع. هذا؛ ومبطل اسم فاعل من: أبطل الرّباعي. هذا؛ والباطل في قوله تعالى في سورة (فصلت): {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}. قال السّدّيّ، وقتادة:

الباطل: الشيطان: لا يستطيع أن يغير في القرآن شيئا، ولا يزيد، ولا ينقص منه، وقوله تعالى في سورة (الشورى): {وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ} الباطل: الشرك، والبطلة في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لا تستطيعها البطلة» أي: لا تستطيع قراءة سورة (البقرة)، و (آل عمران) السّحرة.

الإعراب: {يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ:} انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٦٥] {الْحَقَّ:} مفعول به. {بِالْباطِلِ:} متعلقان بما قبلهما، وجملة: ({تَكْتُمُونَ الْحَقَّ}) معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير. وانظر مثلها في الآية السابقة.

{وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاُكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة في كعب بن الأشرف، ومالك بن الصّيف، وكانا من أحبار اليهود، فإنما قالا لأصحابهما لما حوّلت القبلة إلى الكعبة المعظّمة: آمنوا بما أنزل على المسلمين من تحويل القبلة، وصلّوا معهم إلى جهة الكعبة أول النهار، ثم صلّوا إلى صخرة بيت المقدس آخره، لعلهم يقولون: هم أعلم منا؛ وقد رجعوا، فيرجعون. وقيل: إن اثني عشر من أحبار اليهود تقاولوا فيما بينهم بأن يدخلوا في الإسلام أول النهار، ويقولوا في آخره: نظرنا في كتابنا، وشاورنا علماءنا، فلم نجد محمدا بالنّعت الذي ورد في التوراة. لعلّ أصحابه يشكّون فيه، فيرجعوا عن دينهم، ويقولون: هم أهل الكتاب، وهم أعلم منّا، فيرجعون إلى قبلتنا.

فأطلع الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم على خبثهم، وما بيتوه من مكرهم، وأنزل الله هذه الآية؛ التي كشفت سوء صنيعهم، فلم يتم لهم ما دبّروا، ومكروا، ولم يحصل لمكيدتهم في قلوب المسلمين أيّ أثر،

<<  <  ج: ص:  >  >>