للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل رفع فاعل، التقدير: ساءهم عملهم. {كانُوا:} ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق، وجملة: {يَعْمَلُونَ} مع مفعوله المحذوف في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {ساءَ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية: {إِنَّهُمْ ساءَ} مستأنفة، لا محل لها، وهذه الجملة مذكورة بحروفها في سورة (المجادلة) رقم [١٥].

{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣)}

الشرح: {ذلِكَ} إشارة إلى الكلام السابق؛ أي: ذلك القول الشاهد على سوء أعمالهم، أو إلى الحال المذكورة من النفاق، والكذب، والاستجنان بالأيمان، وإضمار الشر، والسوء للإسلام، ولنبي الإسلام. {بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} أي: بسبب أنهم آمنوا ظاهرا باللسان، ثم كفروا باطنا؛ حيث نطقوا بالشهادة، وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم ظهر كفرهم بعد ذلك بقولهم: إن كان ما يقول محمد حقّا؛ فنحن شر من الحمير، وقولهم: في غزوة تبوك:

أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى، وقيصر؟ هيهات!، أو المعنى: نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، وبالمسلمين، كما حكى الله عنهم بقوله في سورة (البقرة) الاية رقم [١٤]: {وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} ولا تنس المطابقة بين {آمَنُوا} و {كَفَرُوا}.

{فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ:} فختم عليها؛ حتى لا يدخلها الإيمان جزاء على نفاقهم. هذا؛ والطبع:

الختم، وهو التأثير في الطين، ونحوه، فاستعير هنا لعدم فهم القلوب ما يلقى عليها. وإذا طبع على قلب إنسان؛ فلا تؤثر فيه حينئذ الموعظة، ولا تجدي معه النصيحة، كما قال تعالى في هذه الاية وكثير غيرها: {فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}. والطبع: السجية، والخلق الذي طبع عليه الإنسان. والطبيعة مثله. وجمع الأول: طباع، وجمع الثاني: طبائع. والطبع تدنس العرض، وتلطخه، يقال: طبع السيف: إذا دخله الجرب من شدة الصدأ، وطبع الرجل، فهو طبع إذا أتى عيبا، يقال: نعوذ بالله من طمع يدني إلى طبع! أي: إلى دنس. قال ثابت بن قطنة: [البسيط] لا خير في طمع يدني إلى طبع... وغفّة من قوام العيش تكفيني

هذا؛ وقال قتادة في هؤلاء المنافقين: الناس رجلان: رجل عقل عن الله، فانتفع بما سمع، ورجل لم يعقل، ولم ينتفع بما سمع. وكان يقال: الناس ثلاثة: سامع عامل، وسامع عاقل، وسامع غافل تارك. {فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ:} انظر الاية رقم [١٣] من سورة (الحشر).

الإعراب: {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {بِأَنَّهُمْ:} (الباء): حرف جر. (أنهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها،

<<  <  ج: ص:  >  >>