الإعراب:{فَاصْبِرْ:} الفاء: حرف استئناف، أو هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ذلك قد وقع للأنبياء قبلك؛ فاصبر على أذى قومك، وتأس بهم.
(اصبر): أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والمتعلق محذوف، كما رأيت تقديره، والكلام مستأنف، لا محل له. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {وَعْدَ:} اسمها، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. {حَقٌّ:} خبر: (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للأمر، لا محل لها. {وَاسْتَغْفِرْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {لِذَنْبِكَ:} متعلقان به، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. (سبح): أمر، وفاعله أنت. {بِحَمْدِ:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، التقدير: ملتبسا بحمد، وانظر الآية الأخيرة من سورة (الزمر)، و (حمد) مضاف، و {رَبِّكَ} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {بِالْعَشِيِّ:} متعلقان بالفعل سبح.
الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ..}. إلخ: عام في كل مجادل مبطل؛ وإن نزلت في مشركي مكة؛ الذين كانوا يجادلون بالباطل؛ ليدحضوا به الحق. وقيل: هم اليهود، كانوا يقولون للنبي صلّى الله عليه وسلّم: لست صاحبنا، بل هو المسيح بن داود (يريدون الأعور الدجال) يبلغ سلطانه البر، والبحر، وتسير معه الأنهار، وهو آية من آيات الله، فيرجع إلينا الملك، فهم ينتظرونه كما ينتظر المسلمون المهدي، وعيسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وانظر الآية رقم [٣٥] السابقة.
{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ} أي: لا يوجد في صدورهم، وقلوبهم إلا كبر، وتكبر عن الإيمان بك، والانقياد لك، فهم يريدون الرياسة، والزعامة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك يا محمد! ودفعوا آياتك؛ خيفة أن تتقدمهم، وأن تترأس عليهم، وأن يكونوا تحت يدك، وأمرك، ونهيك؛ لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو أرادوا أن تكون لهم النبوة دونك حسدا، وبغيا. ويدل عليه ما حكاه الله من قولهم:{لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ} الآية رقم [١١] من سورة (الأحقاف).
{ما هُمْ بِبالِغِيهِ} أي: ببالغي مرادهم من الرياسة، أو النبوة، أو دفع آيات الحق بالباطل، بل ما يرومونه من ذلك ليس بحاصل لهم، بل الحق الذي جئت به هو المرفوع، وقولهم، وقصدهم، ومرادهم هو الموضوع. {فَاسْتَعِذْ بِاللهِ..}. إلخ: أي: فالتجئ وتحصن بالله من