للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقان بمحذوف صفة لمفعول به محذوف، التقدير: صرفنا في القرآن نوعا من الوعيد، والمراد: به الجنس، ويجوز أن تكون {مِنَ} مزيدة في المفعول به على رأي: الأخفش الذي يجيز زيادة «من» في الإيجاب، وجملة: {وَصَرَّفْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {لَعَلَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {يَتَّقُونَ:} مضارع، وفاعله، ومفعوله محذوف كما في الشرح، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لعلّ) والجملة الاسمية: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} تعليل للإنزال، وللتصريف لا محل لها. {أَوْ:} حرف عطف. {يُحْدِثُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (القرآن). {لَعَلَّهُمْ:} متعلقان بما قبلهما. {ذِكْراً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها.

{فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)}

الشرح: {فَتَعالَى اللهُ:} في ذاته، وصفاته عن مماثلة المخلوقين، لا يماثل كلامهم كلامه، كما لا يماثل ذاتهم ذاته.

{الْمَلِكُ:} النافذ أمره ونهيه الحقيقي بأن يرجى وعده، ويخشى وعيده. {الْحَقُّ:} الثابت في ذاته وصفاته، {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ:} علّم نبيه صلّى الله عليه وسلّم كيف يتلقى القرآن. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان صلّى الله عليه وسلّم يبادر جبريل عليه السّلام، فيقرأ قبل أن يفرغ من الوحي، حرصا على الحفظ، وشفقة على القرآن مخافة النسيان، فنهاه الله عن ذلك، وهذا كقوله تعالى في سورة (القيامة): {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} وقيل: المعنى: لا تقرئه أصحابك، ولا تمله عليهم حتى يتبين لك معناه.

{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} أي: سل الله زيادة العلم بدل الاستعجال، فإن ما أوحى إليك تناله لا محالة، فلم يأمر الله نبيه بطلب الزيادة في الشيء إلا في العلم، وكان ابن مسعود-رضي الله عنه- إذا قرأ هذه الآية يقول: اللهم زدني علما، وإيمانا، ويقينا. وقال الحسن: نزلت في رجل لطم وجه امرأته، فجاءت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم تطلب القصاص، فجعل لها القصاص، فنزل قوله تعالى: {الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ} فيكون المعنى زدني فهما؛ لأن عليه الصلاة والسّلام حكم بالقصاص وأبى الله ذلك، انظر الآية رقم [٣٤] من سورة (النساء)، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

بعد هذا فالفعل: «تعالى» بمعنى: تنزه، وتعاظم، وهو ناقص التصرف يأتي منه ماض، ومضارع، ولا يأتي منه أمر. وانظر شرح {الْحَقُّ} في الآية رقم [٨١] من سورة (الإسراء)، وشرح: (قضينا) في الآية رقم [٤] منها، وشرح: «زاد، يزيد» في الآية رقم [٤١] منها، وشرح

<<  <  ج: ص:  >  >>