قال محمد بن إسحاق: اشتمل فعل أولاد يعقوب على جرائم كثيرة، من قطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، وقلة الرأفة بالصغير الذي لا ذنب له، والغدر بالأمانة، وترك العهد، والكذب مع أبيهم، ونسبته إلى الضلال، ومحض الحسد، هو من أمهات الكبائر، وقد عفا الله عن ذلك حتى لا ييئس أحد من رحمة الله تعالى، وقال بعض أهل العلم: عزموا على قتله، وعصمهم الله رحمة بهم، ولو فعلوا ذلك؛ لهلكوا جميعا، وكل ذلك قبل أن نبأهم الله. انتهى. خازن وغيره بتصرف.
أقول: لم تثبت نبوتهم بحديث صحيح، وإن كانوا أنبياء؛ فليسوا رسلا قطعا.
الإعراب:{وَشَرَوْهُ}: الواو: حرف عطف، أو استئناف. (شروه): ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة، مع واو الجماعة، التي هي فاعله، والهاء مفعول به، والجمل الفعلية معطوفة، أو مستأنفة لا محل لها على الاعتبارين. {بِثَمَنٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {بَخْسٍ}: صفة: ثمن. {دَراهِمَ}: بدل من (ثمن) مجرور مثله، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع. {مَعْدُودَةٍ}: صفة:
{دَراهِمَ}. (كانوا): ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {فِيهِ}: متعلقان ب {الزّاهِدِينَ،} إن كانت (ال) للتعريف، ومتعلقان بمحذوف يبينه:{الزّاهِدِينَ،} إن كانت موصولة بمعنى (الذي) لأن متعلق الصلة لا يتقدم عليها. {مِنَ الزّاهِدِينَ}: متعلقان بمحذوف خبر (كان)، وجملة:(كانوا...) إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها، ومثل هذه الجملة في إعرابها قوله تعالى:{وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ} الآية رقم [١٣٠] من سورة (البقرة)، وقوله تعالى:{وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشّاهِدِينَ} الآية رقم [١١٦] من سورة (المائدة)، وذلك على اعتبار (ال) للتعريف، أو موصولة. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.
الشرح:{وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ}: وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر، واسمه قطفير، أو إطفير، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد العمليقي، وقد آمن بيوسف، ومات في حياته، وقيل: كان فرعون موسى، عاش أربعمائة سنة بدليل قوله تعالى في سورة (غافر): {وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ} والمشهور: أنه من أولاد فرعون يوسف، والآية من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء، روي: أن العزيز اشتراه، وهو ابن سبع عشرة سنة، ولبث في منزله ثلاث عشرة سنة، واستوزره الريان؛ وكان ابن ثلاثين سنة، وآتاه الله الحكمة، والعلم، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وتوفي، وهو ابن مائة وعشرين سنة، واختلف في الثمن الذي اشتراه