للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرين، والمنافقين؛ إلاّ ويذكر التصديق من المؤمنين، ولا يذكر الإيمان؛ إلاّ ويذكر الكفر، ولا يذكر الجنة ونعيمها؛ إلاّ ويذكر النار وجحيمها، ولا يذكر الرحمة؛ إلاّ ويذكر الغضب، والسخط؛ ليكون المؤمن راغبا راهبا، خائفا راجيا. هذا؛ والمراد: بالمجرمين في هذه الآية:

الكافرون، وكثيرا ما يعبر القرآن الكريم عن الكافرين بالظالمين، والمجرمين، والمعتدين، والفاسقين، والمسرفين، والكاذبين، ويتهددهم بالعذاب الأليم، ويتوعدهم بالعقاب الشديد، وإنا نجد الكثير من المسلمين يتصفون بهذه الصفات، فهل يوجه إليهم هذا التهديد، وهذا الوعيد؟ الحق أقول: نعم يوجه إليهم ما ذكر، وهم أحق بذلك، لا سيما من قرأ القرآن منهم، واطّلع على أحوال الأمم السابقة، وما جرى لهم مع رسلهم، وكيف نكّل الله بهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وما يتذكر إلاّ أولو الألباب.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْمُجْرِمِينَ:} اسم (إنّ) منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {فِي عَذابِ:} متعلقان ب‍: {خالِدُونَ} بعدهما، و {عَذابِ:} مضاف، و {جَهَنَّمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {خالِدُونَ:}

خبر «إن». مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة، لا محلّ لها على الاعتبارين.

{لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥)}

الشرح: {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ:} لا يخفف عنهم العذاب، من: فترت الحمى: إذا سكنت قليلا.

{وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ:} آيسون من كل خير، لا يدرون ماذا يصنعون؟ هذا؛ وقد قال الفراء: المبلس:

اليائس المنقطع رجاؤه، وذلك يقال لمن يسكت عند انقطاع حجته، ولا يكون له جواب: أبلس.

أقول: وسمي إبليس من هذا؛ لأنه أفلس من رحمة الله، وانقطع رجاؤه من سعة فضل الله. وعن الضحاك: يجعل المجرم في تابوت من نار، ثم يردم عليه، فيبقى فيه خالدا، لا يرى، ولا يرى.

ولا يشكل على هذا قوله تعالى في الآية التالية: {وَنادَوْا يا مالِكُ..}. إلخ الدال على طلبهم الفرج بالموت، فالجواب: أن تلك أزمنة متطاولة، وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال، فيسكتون تارة لغلبة اليأس عليهم، وعلمهم: أنّه لا فرج، ويشتد عليهم العذاب تارة، فيستغيثون.

انتهى. جمل نقلا من كرخي.

الإعراب: {لا:} نافية. {يُفَتَّرُ:} فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى «العذاب»، والجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان ل‍: {إِنَّ،} أو في محل نصب حال من {عَذابِ جَهَنَّمَ،} والرابط: الضمير فقط. {عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>