مكي اعتبارها جواب (إذا)، والواو زائدة فيها، فيتلخص: أن في جواب (إذا) ثلاثة أوجه.
{سَلامٌ:} مبتدأ. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {طِبْتُمْ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {فَادْخُلُوها:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا لكم فادخلوها. (ادخلوها): فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، والشرط المقدر ومدخوله في محل نصب مقول القول.
{خالِدِينَ:} حال منصوب... إلخ.
{وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤)}
الشرح: {وَقالُوا} أي: المتقون الذين أنعم الله عليهم بدخول الجنة، وفازوا برضا ربهم.
{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ} أي: الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام، كما دعوا في الدنيا: {رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ،} وانظر ما يقوله الذين اصطفاهم الله من عباده في الآية رقم [٣٤] و [٣٥] من سورة (فاطر). {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ:}
أرض الجنة قد أورثوها؛ أي: ملكوها وجعلوا ملوكها، وأطلق تصرفهم فيها كما يشاؤون.
تشبيها بحال الوارث، وتصرفه فيما يرث. انتهى. نسفي.
وقال القرطبي: قيل: إنهم ورثوا الأرض التي كانت لأهل النار لو كانوا مؤمنين، قاله أبو العالية، وأبو صالح، وقتادة، والسدي، وأكثر المفسرين. انتهى. وانظر خسران الكافرين في الآية رقم [١٥]. {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ:} ننزل في الجنة حيث نشاء، ونريد. يقال:
بوأت زيدا مكانا، وبوأت لزيد مكانا، فالأول بمعنى: أنزلت زيدا مكانا كما في هذه الآية، والثاني كما في قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً} رقم [٨٧] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. هذا؛ والمبؤّأ المنزل الملزوم، ومنه بوّأه الله منزلا أي: ألزمه إياه وأسكنه فيه، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار». أخرجه البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-.
قال الخازن-رحمه الله تعالى-: فإن قلت فما معنى قوله: {حَيْثُ نَشاءُ} وهل يتبوأ أحدهم مكان غيره؟ قلت: يكون لكل واحد منهم جنة، لا توصف سعة، وحسنا، وزيادة على الحاجة، فيتبوأ من جنته حيث يشاء، ولا يحتاج إلى غيره. وقيل: إن أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم يدخلون الجنة قبل الأمم، فينزلون فيها حيث شاؤوا، ثم تنزل الأمم بعدهم فيما فضل منها. ولا تنس ما ذكرته من التعبير عن المستقبل بالماضي. {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ} أي: بطاعة الله، وأوامره، واجتناب