للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطاب، لا محل له. {اُبْتُلِيَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {الْمُؤْمِنُونَ:} نائب فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَزُلْزِلُوا:} ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {زِلْزالاً:}

مفعول مطلق. {شَدِيداً:} صفة له.

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً (١٢)}

الشرح: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ:} شك، وضعف اعتقاد، فهو يمرض قلوبهم، أي: يضعفها، وذلك بضعف الإيمان فيها، والمرض حقيقة فيما يعرض للبدن، فيخرجه عن الاعتدال اللائق به، ويوجب الخلل في أفعاله، وقد يؤدي إلى الموت، واستعير هنا لما في قلوبهم من الجهل، وفساد العقيدة. {ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً:} إلا وعدا باطلا، وذلك:

أن طعمة بن أبيرق، ومعتّب بن قشير، وجماعة من المنافقين، قالوا: يعدنا محمد كنوز كسرى، وقيصر، ولا يجرؤ أحدنا أن يخرج للغائط، وإنما قالوا ذلك حينما سمعوا: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وعدهم ذلك عند ضربه الصخرة، وتفتتها، وظهور النار منها، وكانت قد ظهرت في الخندق في الجزء الذي كان يعمل فيه سلمان الفارسي مع جماعة من الصحابة، -رضي الله عنهم أجمعين-.

هذا؛ والغرور الذي يغر ويخدع الإنسان مما لا يدوم؛ بل يضمحل بسرعة. و {مَتاعُ الْغُرُورِ} كل شيء يتمتع به الإنسان في دنياه، ويتلذذ به من طعام، وشراب، ولباس، ومسكن، وولد، وزوجة... إلخ، وانظر {الْغُرُورِ} بفتح الغين في الآية رقم [٣٣] من سورة (لقمان).

وأما {الْمُنافِقُونَ} فهو جمع: منافق، وسمي المنافق منافقا أخذا من نافقاء اليربوع، وهو جحره؛ الذي يقيم فيه، فإنه يجعل له بابين، يدخل من أحدهما، ويخرج من الآخر، فكذلك المنافق يدخل مع المؤمنين بقوله: أنا مؤمن، ويدخل مع الكفار بقوله: أنا كافر. هذا؛ وقد يتصف مؤمن بصفات المنافقين، فيكذب، ويخلف الوعد، ويخون في الأمانة، ويفجر في الخصومة، وما أكثرهم في هذا الزمن، فهذا يقال له: نفاق العمل، وأمّا الأول؛ فيقال له: نفاق العقيدة، لأنه يظهر الإسلام، ويبطن الكفر، وهو أخبث من الكفر، وعقابه أشدّ منه، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ} وقد حذر الرسول صلّى الله عليه وسلّم من نفاق العمل والاتصاف به؛ لأنه يجر إلى نفاق العقيدة، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإن صام، وصلّى، وحجّ، واعتمر، وقال: إني مسلم». أخرج بعضه البخاري، وبعضه مسلم، وأخرجه أبو يعلى من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>