وأرجم قبره في كلّ عام... كرجم الناس قبر أبي رغال
فلما أنزل الله بهم بلاءه، ومات منهم من مات بالحجارة؛ التي نزلت عليهم من السماء، ومن بقي منهم؛ خرجوا هاربين مبتدرين الطريق؛ التي جاؤوا منها؛ أخذوا يسألون عن نفيل بن حبيب؛ ليدلهم على الطريق إلى اليمن فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته: [الرجز]
أين المفرّ والإله الطالب... والأشرم المغلوب ليس الغالب
وهذا هو الشاهد رقم [٥٥١] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» وقال أيضا: [الوافر]
حمدت الله إذ أبصرت طيرا... وخفت حجارة تلقى علينا
فكلّ القوم يسأل عن نفيل... كأنّ عليّ للحبشان دينا
وقصة أصحاب الفيل كانت عام مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
الإعراب: {أَلَمْ:} (الهمزة): حرف استفهام، وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.
{تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب: (لم)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام بعده. {كَيْفَ:} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب مفعول مطلق، عامله ما بعده، أو في محل نصب حال من {رَبُّكَ،} واختار الأول ابن هشام في المغني، والمعنى: أي فعل فعل، وأما نصبه على الحالية من الفاعل؛ فممتنع؛ لأن فيه وصفه تعالى بالكيفية، وهو غير جائز.
انتهى. جمل نقلا من الشهاب. وقال مكي: في محل نصب على الظرفية الزمانية، عامله ما بعده، وهو غير قوي، ولا يؤيده المعنى. تأمل. {فَعَلَ:} فعل ماض. {رَبُّكَ:} فاعله، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية في محل نصب سدت مسد مفعول (ترى) المعلق عن العمل. {بِأَصْحابِ:} متعلقان بما قبلهما، و (أصحاب):
مضاف، و {الْفِيلِ:} مضاف إليه. وانظر الكلام على {كَيْفَ} في آخر سورة (الغاشية).
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢)}
الشرح: أي: ألم يجعل كيدهم في إبطال، وتضييع وخسار، ومنه قوله تعالى في سورة (غافر) رقم [٢٥]: {وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ،} وأيضا فيها رقم [٣٧]: {وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاّ فِي تَبابٍ} وذلك؛ لأن أبرهة الكافر، وجيشه أرادوا أن يكيدوا قريشا بالقتل، والسبي، والكعبة بالتخريب، والهدم، فحكي عن عبد المطلب: أنه بعث ابنه عبد الله على فرس له، ينظر ما لقوا من تلك الطير، فإذا القوم مشدخين جميعا، فرجع يركض فرسه كاشفا عن فخذه، فلما رأى ذلك أبوه قال: إن ابني هذا أفرس العرب، وما كشف عن فخذه إلا بشيرا، أو