للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {عَفَوْنا:} فعل وفاعل. {عَنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {واعَدْنا..}.

إلخ؛ فهي في محل جرّ مثلها. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بالفعل {عَفَوْنا} أيضا، و {بَعْدِ} مضاف و {ذلِكَ} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {لَعَلَّكُمْ} حرف مشبه بالفعل والكاف اسمه. {تَشْكُرُونَ:} فعل مضارع مرفوع... والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لعلّ) والجملة الاسمية مفيدة للتعليل المفهوم من التّرجّي.

{وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)}

الشرح: {وَإِذْ آتَيْنا:} أعطينا. {الْكِتابَ:} التوراة، وانظر الآية رقم [٢]. {وَالْفُرْقانَ:}

اختلف فيه. فقيل: الواو صلة، والمعنى: آتينا موسى الكتاب الفرقان، والواو قد تزاد في النّعوت. كقولهم: فلان حسن وطويل، وأنشدوا: [المتقارب]

إلى الملك القرم وابن الهمام... وليث الكتيبة في المزدحم

أراد إلى الملك القرم بن الهمام ليث الكتيبة، ودليل هذا التأويل قوله-عزّ وجل-في سورة (الأنعام) رقم [١٥٤]: {ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ} أي:

بيّن الحلال والحرام، والكفر والإيمان، والوعد والوعيد، وغير ذلك. وقيل: الفرقان: الفرق بينهم وبين قوم فرعون، أنجى هؤلاء، وغرّق أولئك، ونظيره قوله تعالى: {يَوْمَ الْفُرْقانِ} في سورة (الأنفال) رقم [٤١] فهو يوم بدر بلا شك، نصر الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، وأهلك أبا جهل وأصحابه، وقال ابن زيد: الفرقان: انفراق البحر له حتى صار فرقا، فعبروا. وقيل: الفرقان:

الفرج من الكرب، لأنهم كانوا مستعبدين مع القبط، ومنه قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً} أي: فرجا، ومخرجا الآية رقم [٢٩] من سورة (الأنفال)، وقيل:

الفرقان: هو الكتاب أعيد ذكره باسمين مترادفين تأكيدا، وحكي هذا عن الفرّاء، ومنه قول عديّ بن زيد: [الوافر]

فقدّمت الأديم لراهشيه... وألفى قولها كذبا ومينا

وقال الحطيئة، وهو الشاهد رقم [٤٣] من كتابنا فتح ربّ البريّة: [الطويل]

ألا حبّذا هند وأرض بها هند... وهند أتى من دونها النأي والبعد

فنسق البعد على النأي والمين على الكذب، لاختلاف اللفظين، ومنه قول عنترة في معلّقته رقم [١٠]: [الكامل]

حييت من طلل تقادم عهده... أقوى وأقفر بعد أمّ الهيثم

<<  <  ج: ص:  >  >>