للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْتَشِرُونَ وقال الزجاج: دخلت على حد دخولها في جواب الشرط انتهى. أي: فهي للسببية المحضة، وفي مغني اللبيب نحو هذا. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ (٣٣)}

الشرح: {وَنَزَعَ يَدَهُ:} أخرجها من جيبه، أو من تحت إبطه، والمراد بها اليد اليمنى.

روي: أن فرعون لما رأى الآية الأولى، قال: فهل غيرها؟ فأخرج يده، وقال: ما هذه؟ قال فرعون: يدك؛ فما فيها؟ فأدخلها في إبطه، ثم أخرجها، ولها شعاع يغشى الأبصار، ويسد الأفق، علما بأن سيدنا موسى على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، كان أسمر شديد السمرة. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (طه): {تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} فهو احتراز، واحتراس عن أن يكون البياض عن مرض، كبرص، ونحوه، وبياضها طارئ لا جبلّي.

هذا؛ واليد تستعمل في الأصل لليد الجارحة، وتطلق ويراد بها القوة، والقدرة، كما في قوله تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ،} كما تطلق على النعمة، والمعروف، يقال: لفلان عندي يد، أي: نعمة، ومعروف، وإحسان، وتطلق على الحيلة، والتدبير، فيقال: لا يد لي في هذا الأمر، أي: لا حيلة لي فيه، ولا تدبير، قال عروة بن حزام العذري: [الطويل]

وحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها... ومالي بزفرات العشيّ يدان

هذا؛ وأصل يد: (يدي) فحذفت منه الياء، والدليل على ذلك ردها إليه في الجمع، فتقول:

الأيدي، كما في الآية الكريمة، وكذلك ترد إليه في التصغير، فتقول: يديو؛ لأن التكسير والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها.

الإعراب: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ:} هو كما في الآية السابقة بلا فارق. {لِلنّاظِرِينَ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {بَيْضاءُ؛} لأنه صفة مشبهة، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية: {وَنَزَعَ..}. إلخ معطوفة على جملة (ألقى...) إلخ لا محل لها مثلها.

{قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤)}

الشرح: {قالَ} أي: فرعون، وفي (الأعراف) رقم [١٠٩] قال الملأ، وقد أجاب الزمخشري-رحمه الله تعالى-عن هذا التعارض بثلاثة أوجه: الأول: أن يكون هذا الكلام صادرا منه، ومنهم، فحكي هنا عنه وفي سورة (الأعراف) عنهم. والثاني: أن فرعون قاله ابتداء، وتلقته عنه خاصته، فقالوه لمن دونهم من الرعية. والثالث: أنهم قالوه عنه للناس على

<<  <  ج: ص:  >  >>