ومقتضى القياس أن يقال في جمعها: عصوّ؛ لأن ألفها منقلبة عن واو، ولذا يقال في تثنيتها:
عصوان، فأبدل من الواو الثانية ياء؛ لأنها ظرف ليس بينها، وبين الضمة إلا حرف ساكن، فصار (عصوي) فاجتمعت الواو والياء، والأول ساكن، فقلبت الواو الأولى ياء، ثم أدغمت الياء في الياء، ثم قلبت ضمة الصاد كسرة لتصح الياء، ثم تبعت حركة الصاد. هذا؛ وانظر فوائد العصا في الآية رقم [١٨] من سورة (طه) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
الإعراب:(ألقى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {مُوسى} تقديره: «هو»، {عَصاهُ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، أو معطوفة على ما قبلها، لا محل لها على الاعتبارين. {فَإِذا:} الفاء: حرف عطف دال على التعقيب هنا كما ترى. (إذا): كلمة دالة على المفاجأة هنا، وهي تختص بالجمل الاسمية، ولا تحتاج إلى جواب، ولا تقع في الابتداء، ومعناها الحال لا الاستقبال، نحو: خرجت فإذا الأسد بالباب، وهي حرف عند الأخفش، وابن مالك، ويرجحه:(خرجت فإذا إنّ زيدا بالباب)؛ لأن «إن» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وظرف مكان عند المبرد وابن عصفور، وظرف زمان عند الزجاج، والزمخشري، وزعم الأخير: أن عاملها فعل مشتق من لفظ المفاجأة، ولا يعرف هذا لغير الزمخشري، وإنما ناصبها عندهم الخبر المذكور في نحو:(خرجت فإذا زيد جالس) أو المقدر في نحو: فإذا الأسد. أي: حاضر، وإذا قدرت أنها الخبر؛ فعاملها: مستقر، أو: استقر، ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلا مصرحا به. انتهى. ملخصا من مغني اللبيب.
وعلى اعتبارها ظرف مكان، أو زمان، لا أجد لها متعلقا هنا إلا بالتقدير: فانقلبت في ذلك الوقت، أو في ذلك المكان... إلخ، وتعليقها ب {مُبِينٌ} -كما ذكرت في المثال المتقدم- لا يعطي المعنى الذي أعطاه هذا التقدير. تأمل، وتدبر. {هِيَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {ثُعْبانٌ:} خبره. {مُبِينٌ:} صفة {ثُعْبانٌ،} والجملة الاسمية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على التقدير الذي قدرته، وعليه فالجملة الفعلية المقدرة معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، وعلى تعليقها ب {مُبِينٌ،} فتبقى الجملة الاسمية معطوفة على الفعلية قبلها، وأيضا على اعتبار (إذا) حرفا؛ فالجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
تنبيه:{فَإِذا:} قلت: الفاء هنا حرف عطف وتعقيب، وأذكر لك ما قاله السيوطي في همع الهوامع، فقال-رحمه الله تعالى-: اختلف في هذه الفاء، فقال المازني: هي زائدة لازمة للتأكيد؛ لأن إذا الفجائية فيها معنى الإتباع، ولذا وقعت في جواب الشرط موقع الفاء، وهذا ما اختاره ابن جني، وقال مبرمان: هي عاطفة لجملة: (إذا) ومدخولها على الجملة قبلها، واختاره الشّلوبّين الصغير، وأيده أبو حيان بوقوع «ثم» موقعها في قوله تعالى: {ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ}