سورة (المطففين) مكية في قول ابن مسعود، والضحاك، ومقاتل، ومدنية في قول الحسن، وعكرمة. وقال مقاتل: وهي أول سورة نزلت في المدينة. وقال ابن عباس، وقتادة-رضي الله عنهما-: مدنية إلا ثمان آيات من قوله: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} إلى آخرها مكي. وقال الكلبي، وجابر بن زيد: نزلت بين مكة والمدينة. وهي ست وثلاثون آية، ومئة وتسع وستون كلمة، وسبعمئة وثلاثون حرفا.
الشرح: قال الجمل: ومناسبة هذه السورة لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر حال السعداء والأشقياء، ويوم الجزاء وعظم ذكر ما أعد لبعض العصاة، ذكرهم بأخسّ ما يقع من المعصية، وهي التطفيف؛ الذي لا يكاد يجدي شيئا من تكثير المال، وتنميته. انتهى. نقلا من البحر.
هذا؛ وروى النسائي، وابن ماجه عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: لما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة؛ كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل الله تعالى:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فأحسنوا الكيل بعد ذلك. قال الفراء: فهم أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما- أيضا؛ قال: هي أول سورة نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ساعة نزل المدينة، وكان هذا فيهم، كانوا إذا اشتروا؛ استوفوا بكيل راجح، فإذا باعوا؛ بخسوا المكيال، والميزان، فلما نزلت هذه السورة؛ انتهوا، فهم أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا.
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-أيضا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأصحاب الكيل، والوزن:«إنّكم قد ولّيتم أمرا فيه هلكت الأمم السّالفة قبلكم». رواه الترمذي، والحاكم. هذا؛ وقد كان قوم شعيب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-يبخسون الكيل، والميزان، فأخذهم الله بذلك، وقد ذكرت قصتهم في سورة (الأعراف) و (الشعراء)، و (هود) وغير ذلك مفصلة تفصيلا وافيا.