كقوله تعالى:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} هذا؛ وإنما خص الله القلب بالذكر؛ لأنه إذا سلم؛ سلمت الجوارح كلها، وإذا فسد فسدت الجوارح كلها، ولذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب».
الإعراب:{يَوْمَ:} بدل من {يَوْمَ يُبْعَثُونَ،} وهذا على اعتبار الكلام من تتمة كلام الخليل، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. واعتبره ابن عطية من كلام الله تعالى، فيكون الكلام مستأنفا. و {يَوْمَ} متعلقا بفعل محذوف، تقديره: اذكر، ويكون الكلام في محل نصب مقول لقول محذوف. {لا:} نافية. {يَنْفَعُ:} فعل مضارع. {مالٌ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {يَوْمَ} إليها. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): صلة لتأكيد النفي. {بَنُونَ:}
معطوف على ما قبله مرفوع مثله، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والمفعول محذوف، تقديره: أحدا، أو رجلا ونحوهما. {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب بدلا من المفعول المحذوف، أو في محل نصب مستثنى منه. هذا؛ وأجيز اعتباره بدلا من فاعل {يَنْفَعُ،} وغلب من يعقل، ويكون التقدير: إلا مال من، أو بنو من، فإنه ينفع نفسه، أو غيره بالشفاعة، وقال الزمخشري: يجوز أن يكون مفعول: {يَنْفَعُ} أي: لا ينفع ذلك إلا رجلا أتى الله بقلب سليم. {أَتَى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل ضمير مستتر تقديره:«هو» يعود إلى {مَنْ}. {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {بِقَلْبٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {سَلِيمٍ:} صفة له، وجملة:{أَتَى..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها، أو هي صفة {مَنْ،} إن اعتبرتها نكرة موصوفة، وهو مفاد كلام الزمخشري.
الشرح:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} أي: قربت، وأدنيت إليهم؛ ليدخلوها، بحيث يرونها من الموقف. {وَبُرِّزَتِ} أي: أظهرت. {الْجَحِيمُ:} جهنم. {لِلْغاوِينَ} أي: الكافرين الذين أغواهم إبليس اللعين، فضلوا عن طريق الهدى. والمعنى: تظهر جهنم لأهلها قبل أن يدخلوها، فيرونها مكشوفة، فيتحسرون، ويستشعرون الحزن والخوف، كما يستشعر أهل الجنة الفرح والسرور لعلمهم: أنهم يدخلونها. {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما..}. إلخ: هذا توبيخ لهم على إشراكهم؛ حيث يقال لهم: أين آلهتكم التي كنتم تعبدونها من دون الله، هل ينفعونكم بنصرتهم لكم، أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم. لأنهم، وآلهتهم وقود النار. هذا؛ والتعبير بالماضي عن المستقبل في الأفعال الثلاثة، إنما هو لتحقق ما يقع يوم القيامة من أحداث، وهذا كثير في القرآن الكريم.