للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسمية: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} لا محل لها؛ لأنها جواب {نَشْهَدُ} لأنه جرى مجرى القسم كفعل العلم واليقين، ولذلك تعامل بما يتعامل به القسم في قوله: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} انتهى. جمل نقلا عن السمين.

أقول: وهذا غير متعارف عليه، بل المتعارف عليه: أن الفعل: شهد، يشهد ينصب مفعولا مصدرا مؤولا من: أنّ، واسمها، وخبرها. أو من: أن الناصبة والمضارع المنصوب به.

وأمثلتهما في القرآن كثيرة جدا، وإنما كسرت همزة (إن) في الجمل الثلاث؛ لأن الأفعال الثلاثة علقت عن العمل لفظا بسبب لام الابتداء الداخلة على خبر (إنّ)، والجمل الاسمية: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ،} {إِنَّكَ لَرَسُولُهُ،} {إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ} في محل نصب سدت مسد مفعول الأفعال الثلاثة المعلقة عن العمل بسبب لام الابتداء، ولذا كسرت همزة (إنّ) ولولا لام الابتداء؛ لفتحت همزة (إنّ) وتأولت مع اسمها، وخبرها بمصدر في محل نصب سد مسد المفعول، أو المفعولين. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز] وكسروا من بعد فعل علّقا... باللاّم كاعلم إنه لذو تقى

{وَاللهُ:} (الواو): واو الاعتراض. (الله): مبتدأ. {يَعْلَمُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الاسمية: {إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} رأيت ما ذكرته فيها، والجملة الفعلية: {يَعْلَمُ} في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {وَاللهُ يَعْلَمُ..}. إلخ معترضة لا محل لها من الإعراب، والجملة الاسمية: {وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ} في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو وإعادة لفظ الجلالة، وإعراب الجملة واضح إن شاء الله تعالى، وانظر مجيء الحال من المضاف إليه في الاية رقم [١١] من سورة (الممتحنة). وقيل: الجملة الاسمية معطوفة على (إذا) ومدخولها ليصح القول بالاعتراض.

{اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢)}

الشرح: {اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً} أي: سترة يستترون بها من القتل والسبي، ومعنى (أيمانهم):

ما أخبر الله به عنهم من حلفهم: «إنهم لمنكم» وقولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} وانظر الاية رقم [١٦] من سورة (المجادلة). هذا؛ و {جُنَّةً} بضم الجيم: كل ما استترت به، وكل ما وقيت به نفسك من السلاح، والرماح، ومنه: المجن، والمجنة بكسر الميم فيهما، وهو: الترس الذي كان يتخذ للوقاية من ضربات السيوف، والرماح، ونحوه، وكل ما يقيك سوآ. ومن كلام الفصحاء: جبّة البرد جنّة البرد، وفي الكلام استعارة لا تخفى. هذا؛ وجنة بكسر الجيم: جنون؛ أي: خبل، وذهاب العقل، وهو أيضا جمع: جني. قال تعالى في سورة (الناس): {مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ} وهو بفتح

<<  <  ج: ص:  >  >>