حرب بعاث التي دامت بين الأوس، والخزرج أربعين سنة، ثم اتفقوا على أن ينصّبوا عبد الله بن أبيّ ملكا عليهم، وقبل أن يتم ذلك ذهب جماعة من الأنصار إلى مكة ليحجوا، وهناك التقوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وعقدوا معه بيعة العقبة المشهورة، فلما عادوا إلى المدينة، وشاع الإسلام في المدينة؛ توقفوا عن تتويج ابن أبيّ ملكا عليهم، فلذا حقد على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتبعه كثير من أهل المدينة، فلما عز الإسلام، وكثر أنصاره؛ ذلوا، وهانوا، وأظهروا الإسلام لصون دمائهم، وأموالهم. قال الشاعر:[الوافر] وما انتسبوا إلى الإسلام إلاّ... لصون دمائهم أن لا تسالا
هذا بالإضافة لما ذكرته هنا وفي سورة (النحل) رقم [١٠٥] أذكر ما يلي: فعن أبي أمامة -رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحا». رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. وعن بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده-رضي الله عنهم-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ويل للّذي يحدّث بالحديث ليضحك به القوم، فيكذب، ويل له، ويل له». رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والبيهقي. وقال بعض الحكماء: من استحلى رضاع الكذب؛ عسر فطامه. وقال الشاعر الحكيم:[الكامل] إيّاك من كذب الكذوب وإفكه... فلربّما مزج اليقين بشكّه
ولربّما كذب امرؤ بكلامه... وبصمته وبكائه وبضحكه
وقال آخر:[الطويل] إذا عرف الإنسان بالكذب لم يزل... لدى الناس كذّابا ولو كان صادقا
فإن قال لم تصغ له جلساؤه... ولم يسمعوا منه ولو كان ناطقا
الإعراب:{إِذا:} ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {جاءَكَ:} فعل ماض، والكاف مفعول به.
{الْمُنافِقُونَ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على المشهور المرجوح. {قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مع مقولها جواب {إِذا}. وقيل: جوابها محذوف، وجملة:
{قالُوا..}. إلخ في محل نصب حال من {الْمُنافِقُونَ} التقدير: إذا جاؤوك حال كونهم قائلين:
كيت، وكيت؛ فلا تقبل منهم. وقيل: الجواب: {اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً} وهو بعيد، وجملة:
{قالُوا} أيضا حال. انتهى. جمل نقلا من السمين. وقد تصرفت فيه. {نَشْهَدُ:} فعل مضارع، وفاعله مستتر تقديره:«نحن». {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {لَرَسُولُ:}