جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، وجملة:{عَلَيْها يَظْهَرُونَ} في محل نصب صفة: (معارج) هذا هو المتبادر، وعند التأمل يتبين لك: أنّها حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، وقد راعى لفظ (من) بقوله: {يَكْفُرُ} حيث عاد الضمير عليها مفردا، وراعى معناها فيما بعده حيث أعاد الضمير عليها جمعا. وجملة:{لَجَعَلْنا..}. إلخ جواب «لولا»، لا محلّ لها، و «لولا».
ومدخولها كلام لا محلّ له على الوجهين المعتبرين في الواو. {لِبُيُوتِهِمْ:} جار ومجرور معطوفان على ما قبلهما. {أَبْواباً:} معطوف على {سُقُفاً} و (معارج). و {وَسُرُراً:} مفعول به لفعل محذوف، التقدير: وجعلنا لهم سررا، وليس معطوفا على:{أَبْواباً} لاقتضاء العطف أن السرر للبيوت مع أنها لا تضاف لها، ولا تختص بها. وقل في جملة:{عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ} ما رأيته في جملة: {عَلَيْها يَظْهَرُونَ}.
الشرح:{وَزُخْرُفاً} أي: وذهبا. قاله ابن عباس، وغيره، كما في قوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٩٣] حكاية عن قول الكافرين: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ}. وقال ابن زيد: هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة، والأثاث. وقال الحسن البصري: النقوش. وأصله الزينة، يقال: زخرفت الدار؛ أي: زينتها، وتزخرف فلان: أي: تزين. {وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ} أي: ما تقدم ذكره. {لَمّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} أي: ما يتمتع به الكافر في هذه الحياة الدنيا، ثم يزول، ويفنى.
هذا؛ وقرئ بتشديد ميم {لَمّا} وتخفيفها، كما قرئ بفتح اللام، وكسرها؛ لكن مع تخفيف الميم.
{وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} يعني: الجنة خاصة للمتقين، الذين زهدوا في الدنيا، وأعرضوا عن شهواتها. قال كعب الأحبار: إني لأجد في بعض كتب الله المنزلة: لولا أن يحزن عبدي المؤمن؛ لكلّلت رأس عبدي الكافر بالإكليل، ولا يتصدع، ولا ينبض منه عرق بوجع.
وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». وعن سهل بن سعد-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء». وأنشدوا:[الطويل]
فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن... إذا لم يكن فيها معاش لظالم
لقد جاع فيها الأنبياء كرامة... وقد شبعت فيها بطون البهائم
وقال آخر:[الطويل]
تمتّع من الأيام إن كنت حازما... فإنك فيها بين ناه وآمر