للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨)}

الشرح: لا أرى حاجة إلى المزيد عما ذكرته في سورة (النمل) رقم [٨٧] بشأن الصور، وما يتعلق بهذه الآية من الاستثناء، وغيره، وأيضا ما ذكرته في سورة (يس) رقم [٤٩] وما بعدها.

هذا؛ و (صعق) مات وهو مأخوذ من قولهم: صعقتهم الصاعقة، يقال: صعقه الله، فصعق.

{فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ:} يقلبون وجوههم، وأبصارهم في جميع الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب، أو ينتظرون أمر الله فيهم، وقال تعالى في سورة (ن): {خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} مما يدل على أن الناس تكون لهم حالات يوم الفزع الأكبر، وقد دلت هذه الآية على أن النفخة اثنتان: الأولى للموت، والثانية للبعث، والنشور. والجمهور على أنها ثلاث: الأولى للفزع، كما قال تعالى في سورة (النمل) الآية [٨٧]: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ..}. إلخ، والثانية للموت، والثالثة للإعادة، وبين الثانية، والثالثة أربعون سنة على الصحيح.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بين النفختين أربعون-قالوا:

أربعون يوما؟ قال أبو هريرة: أبيت. قالوا: أربعون شهرا؟ قال أبو هريرة: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت-ثم ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلاّ عظم واحد، وهو عجب الذنب، ومنه يركّب الخلق يوم القيامة». متفق عليه.

الإعراب: {وَنُفِخَ:} الواو: حرف استئناف. (نفخ): فعل ماض مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نائب فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. (صعق): فعل ماض. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل، وفيه تغليب من يعقل على من لا يعقل. {فِي السَّماواتِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، التقدير: صعق الذي يوجد في السموات. {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، فهو مثله في الإعراب. {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى من {مَنْ} قبلها، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: إلا من شاء الله بقاءه حيا. وصح الاستثناء؛ لأن {مَنْ} الأولى بمعنى: الجمع، والثانية بمعنى:

البعض. {ثُمَّ:} حرف عطف. (نفخ): فعل ماض مبني للمجهول. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {أُخْرى:} نائب فاعل، أو هو صفة مفعول مطلق، والنائب: الجار والمجرور، ويؤيد الأول قوله تعالى في سورة (الحاقة): {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ}. {فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ:} إعراب هذا التركيب مثل إعراب: {فَإِذا هُمْ خامِدُونَ} في سورة (يس) [٢٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>