سورة (فصلت) أو سورة: (حم السجدة)، والأول أولى؛ لتتميّز عن السورة المسماة ب:(السجدة) فقط، كما تسمى سورة (المصابيح) وهي مكية في قول الجميع، وهي أربع وخمسون آية، وسبعمئة وست وتسعون كلمة، وثلاثة آلاف، وثلاثمئة وخمسون حرفا، وانظر الكلام على الحواميم في أول سورة (غافر)، ففيه الكفاية.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢)}
الشرح:{حم:} انظر شرحه في أول سورة (غافر). وانظر شرح {تَنْزِيلٌ} في الزمر رقم [١]. {مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:} إنما خصّ هذان الوصفان بالذكر؛ لأن الخلق في هذا العالم كالمرضى المحتاجين للدواء، والقرآن مشتمل على كل ما يحتاج إليه المرضى من الأدوية، وعلى ما يحتاج إليه الأصحاء من الأغذية، فكان أعظم النفع من الله على هذا العالم إنزال القرآن الناشئ عن رحمته، واللطف بخلقه. انتهى. جمل نقلا من الخطيب.
أقول: وإطلاق لفظ الوصف على الاسمين الكريمين ليس مسلما؛ لأنهما من الأسماء الحسنى بلا ريب، وهما في حقه سبحانه وتعالى بمعنى: المحسن، أو مريد الإحسان، لكن الأول بمعنى: المحسن بجلائل النعم، والثاني: بمعنى: المحسن بدقائق النعم، وإنما جمع بينهما هنا وفي البسملة، إشارة إلى أنه ينبغي أن يطلب منه النعم الحقيرة، كما ينبغي أن يطلب منه النعم الجليلة، وقد يوصف بالرحيم: المخلوقون، وأما الرحمن؛ فلا يسمى به إلا الله تعالى، ومن أطلقه على مسيلمة الكذاب فقد تعنت حيث قال فيه:[البسيط]
وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا
الإعراب:{حم:} انظر ما ذكرته من أوجه إعرابه في الآية رقم [١] من سورة (غافر).
{تَنْزِيلٌ:} مبتدأ. وخبره {كِتابٌ فُصِّلَتْ..}. إلخ، وهذا عند البصريين، وساغ الابتداء به لوصفه بما بعده. وقال الفراء: يجوز أن يكون رفعه على إضمار: هذا؛ أي: إنه خبر لمبتدأ محذوف.
وقيل: هو مبتدأ آخر، و {كِتابٌ} خبره، وسوغ الابتداء به، وهو نكرة وصفه بما بعده، أو هو