للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. وأما كونها أداة توكيد؛ فلأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنه واقع لا محالة؛ لأنها علقته على أمر متيقن.

{إِنْ:} حرف شرط جازم. {كانَ:} فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى المحتضر، وهو غير مذكور، لكنه مفهوم من المقام، وانظر ما ذكرته في الاية رقم [٨٣]. {مِنَ الْمُقَرَّبِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {كانَ،} والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.

{فَرَوْحٌ:} (الفاء): واقعة في جواب (أمّا). (روح): مبتدأ، خبره محذوف، التقدير: فله روح.

والجملة الاسمية جواب (أمّا)، وجواب {إِنْ} محذوف اكتفاء بجواب (أمّا). ذكره ابن هشام في المغني، وأفاده مكي، والسمين. أقول: يكثر حذف جواب «إن»، وأما جواب (أما) فلا يحذف إلا في ضرورة الشعر. {وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ:} معطوفان على (روح)، و (جنة) مضاف، و {نَعِيمٍ} مضاف إليه، والكلام: {فَأَمّا إِنْ كانَ..}. إلخ: كله مستأنف، لا محل له. {وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ:} إعرابه مثل سابقه بلا فارق. {فَسَلامٌ:} (الفاء): واقعة في جواب (أما).

(سلام): مبتدأ، سوغ الابتداء به، وهو نكرة الدعاء. {لَكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية جواب أما، لا محل لها... إلخ. {مِنْ أَصْحابِ:} متعلقان بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف خبر لمبتدأ ثان محذوف، أو بمحذوف حال من الكاف، وهو الأولى.

{وَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)}

الشرح: {وَأَمّا إِنْ كانَ} أي: المحتضر. {مِنَ الْمُكَذِّبِينَ} أي: بالبعث، والحساب، والجزاء. {الضّالِّينَ} عن الهدى، وطريق الحق. وهؤلاء هم الصنف الثالث الذين ذكرهم الله في أول هذه السورة. {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} أي: فلهم رزق من حميم، وزقوم، ونحو ذلك، كما قال تعالى في هذه السورة: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ..}. إلخ الايات من هذه السورة.

وانظر شرح (نزل) في الاية رقم [٥٦]، وقال تعالى في سورة (الصافات) رقم [٦٧]: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ}. {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} أي: إدخال في النار، وانظر {اِصْلَوْها} في سورة (الطور) رقم [١٦]. {إِنَّ هذا} أي: ما ذكر من قصة المحتضرين. {لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} أي: لا شك فيه.

وقيل: إن هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في هذه السورة من الأقاصيص، وما أعد الله لأوليائه من النعيم، وما أعد لأعدائه من العذاب الأليم، وما ذكر مما يدل على واحدانية الله يقين، لا شك فيه، ولا ريب، ولا محيد لأحد عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>