للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وجاز إضافة (الحق) إلى {الْيَقِينِ} وهما واحد لاختلاف لفظهما. قال المبرد: هو كقولك: عين اليقين، ومحض اليقين، فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين، وعند البصريين: هو على حذف المضاف إليه، وإقامة الصفة مقامه، التقدير: حق الأمر اليقين، أو الخبر اليقين وانظر (الحاقة) رقم [٥١] فإنه جيد.

{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي: نزه الله تعالى عن السوء. وقيل: معناه فصلّ بذكر ربك العظيم وبأمره. وعن عقبة بن عامر الجهني-رضي الله عنه-. قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«اجعلوها في سجودكم». أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه، وأبو داود.

وعن حذيفة-رضي الله عنه-أنه صلى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكان يقول في ركوعه: «سبحان الله العظيم» وفي سجوده: «سبحان ربي الأعلى». وما أتى على آية رحمة؛ إلا وقف، وسأل، وما أتى على آية عذاب؛ إلا وقف، وتعوذ. أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

هذا؛ وقد حثنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم على كثرة التسبيح، ورغبنا فيه، أذكر منها ما يلي: فعن سليمان ابن يسار-رضي الله عنه-، عن رجل من الأنصار: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال، «قال نوح لابنه: إني موصيك بوصية، وقاصرها لكي لا تنساها، أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، أمّا اللتان أوصيك بهما؛ فيستبشر الله بهما، وصالح خلقه، وهما يكثران الولوج على الله: أوصيك بلا إله إلا الله، فإن السموات والأرض لو كانتا حلقة؛ قصمتهما، ولو كانتا في كفّة؛ وزنتهما، وأوصيك بسبحان الله، وبحمده، فإنهما صلاة الخلق، وبهما يرزق الخلق، وإن من شيء إلاّ يسبّح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم، إنه كان حليما غفورا. وأمّا اللّتان أنهاك عنهما؛ فيحتجب الله منهما، وصالح خلقه: أنهاك عن الشّرك، والكبر» رواه النسائي.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلمتان خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم». رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لأن أقول: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس». رواه مسلم والترمذي. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقيت إبراهيم عليه السّلام ليلة أسري بي، فقال: يا محمد! أقرئ أمّتك مني السّلام، وأخبرهم: أنّ الجنة طيّبة التربة، عذبة الماء، وأنّها قيعان، وأنّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر». رواه الترمذي، والطبراني في الصغير، والأوسط، وزاد (ولا حول ولا قوة إلاّ بالله).

تنبيه: لا يوجد في هذه السور الثلاث لفظ الجلالة (الله): (اقتربت، الرحمن، الواقعة)، والله أعلم، وأجل، وأكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>