للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر: [الوافر]

سألت النّاس عن خلّ وفيّ... فقالوا ما إلى هذا سبيل

تمسّك إن ظفرت بذيل حرّ... فإنّ الحرّ في الدنيا قليل

ومما هو جدير بالذكر: أن كل صداقة لا تكون على أساس من التقوى تنقلب عداوة في الدنيا والآخرة، خذ قوله تعالى: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} الآية رقم [٦٧] من سورة (الزخرف) انظر شرحها هناك. وانظر نتيجة صداقة إبليس في الآية رقم [٢٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وفي سورة (ق) أيضا.

الإعراب: (يا): حرف نداء ينوب مناب: أدعو. (ويلتا): منادى منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، وقد قلبت الياء ألفا في إحدى القراءتين كما رأيت، والياء في محل جر بالإضافة، وأصل النداء أن يكون لمن يعقل، وقد ينادى ما لا يعقل مجازا، مثل: يا أسفي ونحوه، والمعنى هنا: أيها الويل احضر، فهذا أوان حضورك. {لَيْتَنِي:} حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم اسمها. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {أَتَّخِذْ:} فعل مضارع مجزوم ب‍ {لَمْ،} والفاعل مستتر تقديره: «أنا». {فُلاناً:} مفعول به أول. {خَلِيلاً:} مفعول به ثان، وجملة: {لَمْ أَتَّخِذْ..}. إلخ في محل رفع خبر (ليت)، والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها، والآية بكاملها في محل نصب مقول القول.

{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩)}

الشرح: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ} أي: يقول الظالم النادم، لقد أضلني من اتخذته في الدنيا صديقا، وصاحبا عن القرآن، والإيمان به. وقيل: {عَنِ الذِّكْرِ} أي: عن الرسول، والأول أقوى لوروده في كثير من الآيات بمعنى الذكر. {بَعْدَ إِذْ جاءَنِي} أي: هديت إليه، وتمكنت منه. {وَكانَ الشَّيْطانُ} أي: الخليل المضل، أو إبليس؛ لأنه حمله على مصاحبته، وطاعته فيما أراد منه، ومخالفته للرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو كل من تشيطن، وتمرد عن الحق فهو يدعو إلى الضلال سواء أكان من الجن، أو من الإنس. {لِلْإِنْسانِ خَذُولاً:} الخذل: الترك من الإغاثة، وهذا دأب الضالين المضلين من الإنس، والجن، يوالون الإنسان، ويتقربون إليه؛ حتى يودون به إلى الهلاك، ثم يتركونه ولا ينفعونه بشيء، ومنه خذلان إبليس للمشركين لما ظهر لهم في صورة سراقة بن مالك يوم غزوة بدر، فلما رأى الملائكة؛ تبرأ منهم، وقوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ} أكبر دليل على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>