للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: نزلت الآيات الثلاث في عقبة بن أبي معيط وأبيّ بن خلف، وخصوص السبب لا يمنع التعميم، والحكم عام في كل خليلين ومتحابين اجتمعا على معصية الله تعالى إلى يوم القيامة. وقد بين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الفوائد، والمنافع التي يكتسبها الإنسان من مجالسة الأخيار، والمفاسد والمضار التي تتسبب من مخالطة الأشرار. وخذ ما يلي: فعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحا طيّبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإمّا أن تجد منه ريحا خبيثة». متفق عليه. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل». أخرجه أبو داود، والترمذي.

ولهما عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصاحب إلاّ مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلاّ تقيّ». وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قيل: يا رسول الله! أيّ جلسائنا خير؟ قال: «من ذكّركم بالله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، وذكّركم بالآخرة عمله». رواه البزار. وقال مالك بن دينار: إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار. والخبيص: حلواء تصنع من التمر، والسمن، وأنشد: [الطويل]

وصاحب خيار الناس تنج مسلّما... وصاحب شرار النّاس يوما فتندما

وقال عدي بن زيد العبادي، وهما في معلقة طرفة بن العبد: [الطويل]

عن المرء لا تسأل؛ وسل عن قرينه... فكلّ قرين بالمقارن يقتدي

إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم... ولا تصحب الأردى فتردى مع الرّدي

الإعراب: {لَقَدْ:} اللام: واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره: والله. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَضَلَّنِي:} فعل ماض، والنون للوقاية، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر يعود إلى (فلان)، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه في محل نصب مقول القول أيضا. {عَنِ الذِّكْرِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {بَعْدَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله أيضا، وقيل: متعلق بمحذوف حال، ولا وجه له. و {بَعْدَ} مضاف، و {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بالإضافة. {جاءَنِي:} فعل ماض، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والفاعل يعود إلى {الذِّكْرِ،} والجمل الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها.

{وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص. {الشَّيْطانُ:} اسم (كان).

{لِلْإِنْسانِ:} متعلقان بما بعدهما. {خَذُولاً:} خبر (كان)، وهو مبالغة اسم الفاعل، وجملة {وَكانَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها؛ لأنها من كلام الله، وليست من مقول الظالم، وقيل:

في محل نصب حال، ولا وجه له. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>