للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يصيبهم): فعل مضارع، والهاء مفعول به. {سَيِّئاتُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، و {سَيِّئاتُ} مضاف، و {ما كَسَبُوا} مضاف إليه. وانظر توضيح الإعراب في الآية رقم [٤٨].

والجملة الاسمية: {وَالَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَما:} الواو: واو الحال. (ما): نافية حجازية تعمل عمل ليس. {فَأَصابَهُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم (ما).

{بِمُعْجِزِينَ:} الباء: حرف جر صلة. (معجزين): خبر (ما)، مجرور لفظا، منصوب محلا، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا} أي: ألم يعلم، ويوقن كفار قريش، وغيرهم من الفجار، والكفار:

{أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ:} يغني، ويوسع الرزق، ويعطي المال لمن يشاء التوسيع عليه. {وَيَقْدِرُ:}

يضيق الرزق، ويقلله على من يشاء من عباده، وله الحكمة التامة البالغة، والحجة القاطعة الدامغة، ولذا قال جل شأنه في الآية رقم [٣٠] من سورة (الإسراء): {إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً} أي: ذو خبرة بعباده، وبمن يصلحه التوسيع في الرزق، ومن يفسده ذلك، وبمن يصلحه الضيق، والإقتار في الرزق، ومن يهلكه ذلك، وهو ذو بصر، ومعرفة بتدبير عباده، وسياستهم، فمن العباد من لا يصلح له إلا الغنى، ولو أفقره الله؛ لفسد، ومنهم من لا يصلح له إلا الفقر، ولو أغناه؛ لفسد. هذا؛ وبين {يَبْسُطُ} و (يقدر) مقابلة، ومطابقة، وهي من المحسنات البديعية.

{إِنَّ فِي ذلِكَ} أي: في البسط، والتضييق في الرزق. {لَآياتٍ:} لدلالات على قدرة الله، وكمال حكمته، وأنه هو الفاعل المختار، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء. {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:}

خصهم بالذكر؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بالتذكير، ويعلمون: أن سعة الرزق قد تكون مكرا، واستدراجا، وتقتيره رفعة، وإعظاما، ويوقنون: أن المال هو إعطاء الله للعبد، لا علاقة له بقوة الأجسام، ولا بشدة الفهم، وحدة الذكاء. ورحم الله من يقول: [البسيط]

كم من قويّ قويّ في تقلّبه... مهذّب الرّأي عنه الرّزق منحرف

كم من ضعيف ضعيف في تقلّبه... كأنه من خليج البحر يغترف

هذا دليل على أنّ الإله له... في الخلق سرّ خفيّ ليس ينكشف

وفي كثير من الآيات {لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ،} وهذه الآية مذكورة في سورة (الروم) برقم [٣٧] بحروفها بإبدال: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا} ب‍: {أَوَلَمْ يَرَوْا،} والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>