للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفتها، التقدير: مصدقا للّذي، أو لشيء يوجد بين يديه، و {بَيْنَ:} مضاف، {يَدَيْهِ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنّى صورة، وحذفت النون للإضافة، والهاء في محل جر بالإضافة. هذا؛ وابن هشام-رحمه الله تعالى-يعتبر اللاّم-في مغنيه-زائدة، ويسمّيها:

«لام التقوية» فإذا (ما) مجرورة لفظا منصوبة محلاّ. ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (البروج):

{فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} وفي سورة (المعارج). {نَزّاعَةً لِلشَّوى} وفي سورة (الأنبياء): {وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ}. وأورد ابن هشام قول حاتم الطائيّ، وقيل: هو لقيس بن عاصم المنقري-رضي الله عنه-وهو الشّاهد رقم [٣٩٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

إذا ما صنعت الزّاد فالتمسي له... أكيلا فإنّي لست آكله وحدي

{وَأَنْزَلَ:} فعل ماض، وفاعله تقديره: هو. {التَّوْراةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على جميع الوجوه المعتبرة فيها. {وَالْإِنْجِيلَ:} معطوف على ما قبله. {مِنْ قَبْلُ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ}. وقيل: مبني على الضم في محل جر ب‍ {مِنْ} لقطعه عن الإضافة لفظا، لا معنى {هُدىً:} حال من: {التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ} ولم يثنّ؛ لأنه مصدر، ويجوز أن يكون حالا من الإنجيل، ودلّ على حال للتوراة محذوفة، كما يدلّ أحد الخبرين على الآخر، وهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدّرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها. {لِلنّاسِ:} متعلقان ب‍ {هُدىً} أو بمحذوف صفة له {وَأَنْزَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {اللهُ}. {الْفُرْقانَ:}

مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو اِنْتِقامٍ (٤)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ} أي: جحدوا آيات القرآن، ولم يؤمنوا بها. هذا؛ (وآيات {اللهِ}) جمع: آية، وهي في الأصل: العلامة الظاهرة، وتقال للمصنوعات في هذا الكون من حيث إنّها تدل على وجود الصّانع، وعلمه، وقدرته، قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٦٤]: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وقال في هذه السورة رقم [١٩٠]: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ..}. إلخ، كما يقال لكلّ طائفة من القرآن، كما في هذه الآية، كما تطلق على المعجزة الخارقة للعادة، مثل انشقاق القمر، ونحوه، وتطلق على الموعظة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}. كما تطلق، ويراد بها العبرة، والاعتبار، كما في قوله تعالى: {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ..}. إلخ رقم [١٣] الآتية. {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ:} في الدنيا بسبب كفرهم بالسّيف، والقتل، والجلاء، وغير ذلك، وفي الآخرة بالخلود في النار وبئس القرار! {وَاللهُ عَزِيزٌ:} قويّ غالب على أمره، فلا يمنعه شيء من إنجاز وعده، ووعيده. {ذُو انْتِقامٍ:} صاحب عقوبة شديدة لمن عصاه،

<<  <  ج: ص:  >  >>