للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحة وسقم. وقال بعض المحققين: كل ما سوى الله تعالى، فهو زوج، كالفوق، والتحت، واليمين، واليسار، والقدام، والخلف، والماضي، والمستقبل، والذوات، والصفات، والصيف، والشتاء، والربيع، والخريف، وكونها أزواجا يدلّ على أنّها ممكنة الوجود، محدثة مسبوقة بالعدم، فأمّا الحق تعالى، فهو الفرد المنزّه عن الضد، والند، والمقابل، والمعاضد.

انتهى. جمل نقلا من الخطيب.

{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ} أي: السفن التي تمخر عباب البحار. {وَالْأَنْعامِ} أي: الإبل التي تجوب الصحراء. والمعنى: سخر لكم السفن، والإبل، وذللها لكم؛ لتستفيدوا من النقل، والحمل، والركوب في البر والبحر. هذا؛ ومن المعلوم: أنّه لا يركب من الأنعام إلاّ الإبل؛ إذ الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، والماعز، فحينئذ في (الأنعام) هنا تغليب، فأريد بها ما يركب من الحيوان، وهو: الإبل، والخيل، والبغال، والحمير. وقرينة هذا قوله في سورة (النحل) رقم [٨]: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها}.

الإعراب: {وَالَّذِي:} معطوف على ما قبله. {خَلَقَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:

(الذي) وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {الْأَزْواجَ:} مفعول به.

{كُلَّها:} توكيد، و (ها): في محل جر بالإضافة. {وَجَعَلَ:} الواو: حرف عطف. (جعل): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الذي). {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنَ الْفُلْكِ:} متعلقان بالفعل {تَرْكَبُونَ،} أو في محل نصب حال. و {مِنَ} بيان لما أبهم في {ما}.

{وَالْأَنْعامِ:} معطوف على ما قبله. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: وجعل لكم الذي تركبونه من الفلك والأنعام.

{لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اِسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣)}

الشرح: {لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ} أي: على ظهور الفلك، والأنعام. ذكّر الضمير، وأفرده نظرا للفظ (ما). وجمع (الظهر) وهو المضاف، نظرا لمعناها. وقال الفراء: أضاف الظهور إلى واحد؛ لأنّ المراد به الجنس، فصار الواحد في معنى الجمع بمنزلة الجيش، والجند، فلذلك ذكّر، وجمع الظهور؛ أي: على ظهور هذا الجنس، والمراد: ظهور الإبل؛ لأنّ الفلك إنّما تركب بطونها، ولكنه ذكّرهما جميعا في أول الآية، وعطف آخرها على أحدهما، ويحتمل أن يجعل ظاهرهما باطنهما؛ لأنّ الماء غمره وستره، وباطنهما ظاهرهما؛ لأنّه انكشف للظاهرين، وظهر للمبصرين. انتهى. قرطبي بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>