متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، التقدير: وهو خاسر في الآخرة. {مِنَ الْخاسِرِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر ثان، ولم يجز تعليق:{فِي الْآخِرَةِ} ب {الْخاسِرِينَ؛} لأنّ معمول الصلة لا يتقدّم عليها، مع أنّ بعضهم علقهما به، وهذا يكون على التوسّع في الظرف والجار والمجرور، والجملة الاسمية:{وَهُوَ..}. إلخ في محل نصب حال من الضمير المجرور محلاّ بالإضافة بقوله:{عَمَلُهُ،} والرابط: الواو، والضمير.
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١]. {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} أي: أردتم القيام إلى الصّلاة، وأنتم محدثون الحدث الأصغر. وربّنا جلّت قدرته نادى المؤمنين خاصّة لأنّهم هم المكلّفون بالصّلاة، وأمّا الكافر فإنّه يطالب أولا بالإيمان، ثمّ يطالب بفروع الشّريعة من صلاة، وغيرها. {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ:} جمع: وجه، وهو ما تتمّ به المواجهة، والمقابلة، وحدّه طولا: ما بين منابت شعر الرأس، وأسفل الذّقن. وحدّه عرضا: ما بين شحمتي الأذنين.
هذا؛ وعدّ الإمام أحمد-رحمه الله-المضمضة، والاستنشاق فرضا، فاعتبر الأنف والفم من الوجه الواجب غسله، وعامة الفقهاء على أنّهما سنة في الوضوء، والغسل؛ لأنّ الأمر إنّما يتناول الظّاهر دون الباطن، والعرب لا تسمّي وجها إلا ما وقعت به المواجهة، وإن الله لم يذكرهما في كتابه، ولا أوجبهما المسلمون.
{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ:} جمع يد، والمراد بها: ما بين رءوس الأصابع، وفوق المرفق؛ لأنّ ما بعد (إلى) داخل في الفرض، كما بينته أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فتكون (إلى) بمعنى (مع)، كما في قوله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ}. {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ} جمع: رأس، وإنّما سمّي بذلك لعلوّه، ونبات الشّعر فيه، ومنه رأس الجبل. هذا؛ والرأس يطلق على الجملة التي يعلمها الناس ضرورة، ومنها الأذنان والوجه بما فيه، قال الشاعر:[الطويل]
إذا احتملوا رأسي وفي الرّأس أكثري... وغودر عند الملتقى ثمّ سائري