للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لولا). (كان): ماض ناقص، واسمه محذوف معلوم من المقام، التقدير: لكان العذاب.

{لِزاماً:} خبر كان، والجملة الفعلية جواب (لولا) لا محل لها. {وَأَجَلٌ:} معطوف على {كَلِمَةٌ}. وقال الجلال: معطوفة على اسم كان المستتر، وقام الفصل بخبرها مقام التأكيد.

ويكون التقدير: لكان العذاب، أو الأخذ العاجل وأجل مسمى، لازمين لهم، كما كانا لازمين لعاد، وثمود، وغيرهما. {مُسَمًّى:} صفة أجل مرفوع مثله، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها، ولولا، ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له.

{فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠)}

الشرح: {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ:} أمر الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أقوالهم: إنه ساحر، إنه كذاب، إنه كاهن إلى غير ذلك. والمعنى: لا تكترث بهم، فإن لعذابهم وقتا مضروبا لا يتقدم، ولا يتأخر. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: صل، وأنت حامد لربك على هدايته، وتوفيقه، أو نزهه عن الشرك وسائر ما يضيفون إليه من النقائص، حامدا له على ما ميزك به، معترفا بأنه مولي النعم كلها.

{قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} أي: صلاة الفجر. {وَقَبْلَ غُرُوبِها:} يعني: الظهر، والعصر؛ لأنهما آخر النهار، أو العصر وحده. {وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ} أي: من أوقاته، وساعاته. {فَسَبِّحْ} أي: فصل المغرب، والعشاء. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد أول الليل، وإنما قدم زمان الليل فيه لاختصاصه بمزيد من الفضل، فإن القلب فيه أجمع والنفس أميل إلى الراحة، فكانت العبادة فيه أحزم؛ ولذلك قال تعالى: {إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}. {وَأَطْرافَ النَّهارِ:} تكرير لصلاتي: الصبح، والمغرب. انتهى. بيضاوي. وفي القرطبي: المغرب، والظهر؛ لأن الظهر في آخر طرف النهار الأول، وأول طرف النهار الآخر، فهي في طرفين منه، ومثله في الخازن، وما أحراك أن تنظر الآية رقم [١١٤] من سورة (هود) عليه السّلام، والآية رقم [١٧] و [١٨] من سورة (الروم).

تنبيه: جاء لفظ التسبيح بالماضي أحيانا، وبالمضارع أحيانا، وبالأمر أحيانا، وبالمصدر أحيانا أخرى، استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها، وألفاظها، وهي أربع: المصدر، والماضي، والمضارع، والأمر. وهذا الفعل بألفاظه الأربعة، وقد عدّي باللام تارة، مثل قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلّهِ،} {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ..}. إلخ: وبنفسه أخرى، مثل قوله تعالى: {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً،} وقوله جل شأنه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ} وأصله التعدي بنفسه؛ لأن معنى سبّحته بعدته من السوء، منقول من: سبّح: إذا ذهب، وبعد، فاللام إما أن تكون مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>