للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية في محل جرّ بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح. {فَأْتُوهُنَّ:} الفاء:

واقعة في جواب (إذا). (ائتوهنّ): فعل أمر، وفاعله، ومفعوله، والنون حرف دالّ على جماعة الإناث، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنّها جواب لشرط غير جازم، وهو (إذا)، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {مِنْ حَيْثُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، و {حَيْثُ} مبني على الضم في محل جرّ. {أَمَرَكُمُ:} فعل ماض، والكاف مفعول به. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل جرّ بإضافة: {حَيْثُ} إليها، {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهُ:} اسمها. {يُحِبُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهُ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {إِنَّ،} والجملة الاسمية، تعليل للأمر، لا محلّ لها. {التَّوّابِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} إعراب هذه المفردات واضح إن شاء الله، والجملة الفعلية معطوفة على خبر: {إِنَّ}.

{نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاِتَّقُوا اللهَ وَاِعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣)}

الشرح: روى الأئمّة، واللّفظ لمسلم-رحمه الله تعالى-عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرّجل امرأته من دبرها في قبلها؛ جاء الولد أحول، فنزلت الآية: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ} أي: مقبلات، ومدبرات، قائمات، وقاعدات، مستلقيات، ومجبّيات... إلخ، لكن في الفرج فقط، وفي الحديث: «أقبل، وأدبر، واتّق الدّبر، والحيضة». أخرجه الترمذيّ. هذا؛ والحرث: مصدر، أخبر به عن الجمع، مثل:

رجل صوم، وقوم صوم، والحرث: بمعنى المحترث، وهو على حذف مضاف؛ أي: موضع حرث، أو على سبيل التشبيه، فالمرأة كالأرض، والنطفة من الرّجل كالبذر، والولد كالنبات الخارج من الأرض. وأنشد ثعلب: [مجزوء الرمل]

إنّما الأرحام أرضون لنا محترثات... فعلينا الزّرع فيها وعلى الله النّبات

قال الزّمخشري-رحمه الله تعالى-: وقوله تعالى: {هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ،} {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ،} {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ} هو من الكنايات اللطيفة، والتعريضات المستحسنة، وهذه، وأمثالها في كلام الله آداب حسنة، على المؤمنين أن يتعلّموها، ويتأدّبوا بها. ويتكلّفوا مثلها في محاوراتهم، ومكاتباتهم، وخذ ما يلي:

عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: إن ابن عمر-والله يغفر له-أوهم، إنّما كان هذا الحيّ من الأنصار-وهم أهل وثن-مع هذا الحيّ من يهود، وهم أهل كتاب، وكانوا يرون لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>