للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا اِنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥)}

الشرح: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ..}. إلخ: أي: سيحلف المنافقون بالله لكم إذا رجعتم من سفركم هذا: أنهم لم يقدروا على الخروج معكم إلى غزوة تبوك بسبب الفقر، أو المرض ونحو ذلك لتصفحوا عنهم، ولا تعاتبوهم بسبب تخلفهم عنكم. {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ} أي: فاتركوهم وما اختاروا لأنفسهم من النفاق، ولا تكلموهم، ولا تجالسوهم؛ لأنهم رجس، بواطنهم خبيثة وأعمالهم قبيحة. {وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ}: مآلهم ومقرهم، ومنزلهم ومكانهم.

قال الجوهري: المأوى كل مكان يأوي إليه شيء ليلا، أو نهارا، وقد أوى فلان إلى منزله يأوي أويا وإواء، ومنه قوله تعالى: {سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ} وآويته أنا إيواء، وأويته إذا أنزلته بك بمعنى. {جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} أي: الإعراض عنهم وإهانتهم في الدنيا، ومعاقبتهم في نار جهنم في الآخرة إن ذلك بسبب ما كانوا يعملونه من النفاق، والمكر والخداع، وسوء الأعمال، وانظر (جزاء) في الآية رقم [٣٦].

الإعراب: {سَيَحْلِفُونَ}: السين: حرف استقبال. وهي تفيد تحقق الوقوع؛ لأنه من قول العليم الخبير. (يحلفون): فعل وفاعل. {بِاللهِ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {لَكُمْ}: متعلقان به أيضا.

{إِذَا}: ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل قبله أيضا، وجملة: {اِنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ}: في محل جر بإضافة {إِذَا} إليها. {لِتُعْرِضُوا}: مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف التقدير: إنهم ما قدروا على الخروج، وهذا الكلام المقدر جواب القسم (يحلفون)، وقدر معطوفا على هذا الجواب: وفعلوا أو وقالوا ذلك للإعراض عنهم. وهذا لينسجم المعنى مع التعليق، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٢] منقولا عن ابن هشام. {فَأَعْرِضُوا}: الفاء: هي الفصيحة، وانظر الآية رقم [٢٨]، (أعرضوا): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {عَنْهُمْ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ}: لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة في الفاء. {إِنَّهُمْ}: حرف مشبه بالفعل. والهاء: اسمها. {رِجْسٌ}: خبرها، والجملة الاسمية تعليل للإعراض عنهم. {وَمَأْواهُمْ}: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء: في محل جر بالإضافة. {جَهَنَّمُ}: خبره، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ}: انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٨٢] وجملة:

{سَيَحْلِفُونَ..}. إلخ بدل من جملة: {يَعْتَذِرُونَ} في الآية السابقة، أو هي مفسرة لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>