للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبيرا. {يُنَشَّؤُا:} مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى (من) وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {فِي الْحِلْيَةِ:} متعلقان بما قبلهما، والكلام كله مستأنف، أو معطوف على مقدر، لا محلّ له مثله، التقدير: أيجترئون، ويجعلون لله من ينشأ... ؟! {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): مبتدأ. {فِي الْخِصامِ:} متعلقان ب‍: {مُبِينٍ} بعدهما، أو هما متعلقان بمحذوف يدلّ عليه {مُبِينٍ،} التقدير: هو لا يبين في الخصام، وهذا يعني: أنّ الجملة خبر أول للمبتدأ. {غَيْرُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {مُبِينٍ} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل نصب حال من نائب الفاعل المستتر، والرابط: الواو، والضمير.

تنبيه: تعليق الجار والمجرور: {فِي الْخِصامِ} ب‍: {مُبِينٍ} على الوجه الأول، وهو معمول للمضاف إليه، وتقدم على المضاف. استدلّ ابن هشام في هذه الآية على جواز هذه المسألة، وجعل منه قوله تعالى في سورة (المدثر): {فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} وقول الشاعر: وهو الشاهد رقم [١١٤٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

فتى هو حقا غير ملغ تولّه... ولا تتخذ يوما سواه بديلا

وأيضا قول أبي زيد الطائي، وهو الشاهد رقم [١١٤١] من الكتاب المذكور: [البسيط]

إنّ امرأ خصّني يوما مودّته... على التنائي لعندي غير مكفور

{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩)}

الشرح: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً:} هذا كفر آخر، تضمنه مقالهم، شنع به عليهم، وهو جعلهم أكمل العباد، وأكرمهم على الله أنقصهم رأيا، وأخسّهم صنفا. ومعنى (جعلوا): حكموا، وأثبتوا. قال الكلبي، ومقاتل: لما قالوا هذا القول سألهم النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال:

«ما يدريكم أنهم إناث؟». قالوا: سمعنا من آبائنا، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا، فقال تعالى:

{سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ} أي: عنها في الآخرة. وهذا وعيد، وتهديد؛ إذ ستأمر الملائكة بكتابة شهادتهم الكاذبة في ديوان أعمالهم.

قال البقاعي-رحمه الله تعالى-: يجوز أن يكون في السين استعطاف إلى التوبة قبل كتابة ما قالوا، ولا علم لهم به، فإنه قد روى أبو أمامة-رضي الله عنه-أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كاتب الحسنات على يمين الرّجل، وكاتب السيئات على يسار الرجل، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة، قال صاحب اليمين لصاحب اليسار: دعه ستّ ساعات، لعلّه يسبّح الله، أو يستغفر». انتهى. جمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>