للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعلم: أن الصبر ذكر في القرآن في خمسة وتسعين موضعا، ومن أجمعها آية (البقرة)، وهي قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ..}. إلخ، الآية رقم [١٥٥] وما بعدها، ومن آنفها قوله تعالى في سورة (ص) في حق أيوب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-رقم [٤٤]: {إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً} قرن هاء الصبر بنون العظمة، ومن أبهجها قوله تعالى في سورة (الرعد): {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ}.

الإعراب: {وَاصْبِرْ:} الواو: حرف عطف. (اصبر): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت» {عَلى:} حرف جر. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل جر بعلى، والجار والمجرور متعلقان بما قبلهما. {يَقُولُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة {ما،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: اصبر على الذي، أو شيء يقولونه. هذا؛ وإن اعتبرت (ما) مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر ب‍: {عَلى} التقدير: اصبر على قولهم، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها من جمل، والكلام: {رَبُّ الْمَشْرِقِ..}. إلخ معترض بين الجمل المتعاطفة.

{وَاهْجُرْهُمْ:} الواو: حرف عطف. (اهجرهم): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به. {هَجْراً:} مفعول مطلق. {جَمِيلاً:} صفة له، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١)}

الشرح: {وَذَرْنِي..}. إلخ: أي: دعني يا محمد وهؤلاء المكذبين بآياتي أصحاب الغنى، والثروة، والتنعم في الدنيا، وأصحاب الترف، والبطر، فأنا أكفيك شرهم. نزلت في صناديد قريش، ورؤساء مكة من المستهزئين. قال تعالى في سورة (الحجر) رقم [٩٥]: {إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}. {أُولِي النَّعْمَةِ:} أصحاب التنعم، والترفه، فالنعمة بفتح النون: التنعم، والمعروف، والصنيعة، والمنة، وما أنعم به عليك غيرك. وبالكسر: الإنعام. وقد تمد، كما في قوله تعالى:

{وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ} سورة (هود) رقم [١٠] وبالضم: المسرة. {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً} أي:

أمهلهم زمنا يسيرا؛ حتى ينالوا العذاب الشديد. قال المفسرون: أمهلهم الله تعالى إلى أن هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكة إلى المدينة المنورة، فلما خرج من مكة؛ سلط الله عليهم السنين المجدبة، وهو العذاب العام، ثم قتل صناديدهم ببدر، وهو العذاب الخاص. هذا؛ وفي الآية تهديد ووعيد للكافرين، خذ قوله تعالى في سورة (الزخرف) رقم [٨٣]، وأيضا في سورة (المعارج) رقم [٤٢]: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} وفي سورة (الحجر) رقم [٣]: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.

الإعراب: {وَذَرْنِي:} الواو: حرف عطف. (ذرني): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:

«أنت»، والنون للوقاية، والياء مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. (المكذبين):

<<  <  ج: ص:  >  >>