الشرح:{وَما أَرْسَلْنا..}. إلخ: فهذه الآية مقررة لما سبقها من آي التوحيد، حيث قال الله لجميع الرسل السابقين قولوا: لا إله إلا الله. فأدلة العقل، وهي ما يوجد في السموات، والأرض من آيات شاهدة: أنه لا شريك له تعالى، والنقل عن جميع الرسل موجود، والدليل إما معقول، وإما منقول، قال قتادة: لم يرسل نبيّ إلا بالتوحيد، والشرائع مختلفة في التوراة، والإنجيل، والقرآن، وكل ذلك على الإخلاص، والتوحيد. أقول: وتغير الشرائع، والأحكام تبع لتغير الأزمان.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل. {مِنْ قَبْلِكَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وفي الآية رقم [٧] ونحوها محذوف حرف الجر، والكاف في محل جر بالإضافة. {مِنْ:} حرف جر صلة. {رَسُولٍ:} مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {إِلاّ:} حرف حصر. {نُوحِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، والفاعل مستتر تقديره:
«نحن». {إِلَيْهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، هذا؛ ويقرأ: «(يوحى إليه)» فهو مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والجار والمجرور:{إِلَيْهِ} في محل نائب فاعله، وعلى القراءتين فالجملة الفعلية في محل نصب حال من {رَسُولٍ،} وساغ مجيء الحال من النكرة؛ لتقدم النفي عليها. {أَنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها، وهو ضمير الشأن.
{إِلاّ:} نافية للجنس تعمل عمل: «إن». {إِلهَ:} اسم {إِلاّ} مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف، تقديره: موجود. {إِلاّ:} حرف حصر. {أَنَا:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: اعتباره بدلا من اسم {إِلاّ} على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء، وثانيهما: اعتباره بدلا من (لا) واسمها؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء، وثالثها: اعتباره بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو الأولى، والأقوى، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (أن)، و (أن) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: نوحي إليه بكونه: {لا إِلهَ إِلاّ..}. إلخ. هذا؛ ويجوز اعتبار المصدر على قراءة: «(يوحى)» نائب فاعل له. تأمل، والجملة الفعلية {وَما أَرْسَلْنا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
{فَاعْبُدُونِ:} الفاء: حرف عطف على رأي من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر. (اعبدون): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك واقعا، وحاصلا منا؛ فاعبدوني، وفي الكلام التفات من المتكلم الجماعة إلى المتكلم المفرد، وهو واضح، وجليّ.